حتى مَطلَعِ الفَجر




مُكَبَّلٌ مُثخَنٌ بِالهَمِّ والقَلَقِ

مُذْ صَادَرَ اللَّيلُ ما لَملَمتُ مِنْ شَفَقِ




كُلُّ الدُّرُوبِ مَتَاهَاتٌ مُفَخَّخَةٌ

والبَابُ مِقصَلَةٌ تَهوِى على العُنُقِ




يَمَّمتُ شَطرَ السَّمَا.. والنَّجمُ مُحتَجِبٌ

فَبِتُّ أَبحَثُ في كَفَّيَّ عَنْ طُرُقِي




أَجُسُّهَا كَضَرِيرٍ في خُطُوطِ يَدِي

فَاحتَرتُ حَتَّى أَعَاقَ الشُّكُ مُنطَلَقِي




وكَلَّ طَرفِي، وما آنَستُ نَارَ هُدىً

فَالقَومُ قَدْ وُئِدُوا في غَيهَبِ الغَسَقِ




مَنْ يَنفُخُ الرُّوحَ في المَوتَى، ويَمنَحُهُمْ

عُمراً، ويُخرِجُهُمْ مِنْ ظُلمَةِ النَّفَقِ؟




وكَيفَ أَصنَعُ مِنْ ذَاكَ السَّدِيمِ لَهُمْ

شَمساً تَشِعُّ بِنُورِ العِلمِ في الأُفُقِ؟




لَعَلَّ فَجراً نَؤُوماً يَستَفِيقُ إذا

تَنَفَّسَ الصُّبحُ بالأَنوَارِ والعَبَقِ




وكَمْ تَمَنَّيتُ كَالعُشَّاقِ مَطلَعَهُ

وعِشتُ أَرقُبُهُ بِالشَّوقِ والحُرَقِ!!




أَشعَلتُ حَرفِيَ عُمراً ذَابَ مُعظَمُهُ

كَالشَّمعِ؛ والفَجرُ مِثلُ الجَمعِ لَمْ يَفِقِ




وَحدِي وَقَفتُ بِوَجهِ الرِّيحِ مُشتَعِلاً

هَاجَتْ جُنُوناً كَبَحرٍ يَشتَهِي غَرَقِي




وبُحَّ صَوتِي، ولَكِنْ لَمْ يَزَلْ وَتَرِي

يَرِنُّ رُغمَ نَزِيفِ القَلبِ والحَدَقِ




مَادَامَ في القَلبِ نُورٌ أَستَضِيئُ بِهِ

سَأَنشُرُ الضَّوءَ حَتَّى مُنتَهِى رَمَقِي




فَالنَّاسُ بِالعِلمِ أَحيَاءٌ، فَإِنْ جَهِلُوا

دَاسَتْ كَرَامَتَهُمْ أَقدَامُ كُلِّ شَقِي




أُرِيدُ ثَورَةَ وَعيٍ فَاعِلٍ يَقِظٍ

في وَاقِعِ العُربِ، لا حِبراً على وَرَقِ




فَمَنْ سَيُزجِي مَعِي مِنْ نَبضِهِ سُحُباً

نُحيِي بِهَا الأَرضَ والإِنسَانَ كَالوَدَقِ؟




بِالوَعيِ والفِكرِ نَجتَازُ الثَّرَى عَمَلاً

نَرقَى بِهِ طَبَقاً يَعلُو على طَبَقِ




فَاصنَعْ مِن الحَرفِ مِصبَاحاً وأَسلِحَةً

لِيَطلَعَ الفَجرُ صُبحَاً دَائِمَ الأَلَقِ




ياسين عبدالعزيز