جمالُ الحبيب...

لما بدا روضُ الربيعِ وأزهرَ
والغصنُ في ثمرِ العطاءِ تعطرَ

والنبعُ بين الصخرِ أخرجَ عذبَهُ
والماءُ لألأَ صفوُ جدوله جرى

والطيرُ غردَ منشدا في نشوةٍ
والصبحُ أشرق والنسيمُ تحدرَ

وبدت نساءٌ من خدور عفافها
فلها فؤادُ العاشقين تشطرَ

وعلا الجمالُ على الجمالِ مكمَلاً
والنفسُ طابت والفؤاد تفطَّرَ

حتى بدا في الكون نورُ مُحَمدٍ
غطى على ذاك الجمالِ وخمرَ

كيف الجمال يكون غيرَ جمالِه ؟
وهو الذي رَفع الإله له العُرى

وهو الذي جمع الإله بذكره
توحيده لمَّا المؤذنُ كبرَ

وهو الذي أحيا موات قلوبنا
وأنارَ فضلُ دعائِه أمَّ القُرى

وبه المدينةُ بعد يثربَ نوَّرت
وبهجرة المختار صارت مَشْعَرا

من ذا رحيمٌ مثلُ رحمته ؟ وله
حنَّ الجمادُ لحبه وتغرغرَ

من ذا جوادٌ مثلُ جود محمدٍ ؟
اعطا عطاءا لا يُطال تصورا

لما علا فوق الخلائق منزلا
عرج الحبيب لربه وله سرى

ستظلُّ فينا أعظم الدنيا يدا
ولك المحبة قبل مال أو ذُرى

يا رحمةً للخلق إن محبتي
لك موطني والأهلُ بل كلُّ الورى

من مثل حبِّك في الفؤاد مقدمٌ ؟
مسكُ الجنان وفاق كفُّكَ عنبرا

لو سطَّر الأدباءُ كلَّ بديعهم
والشعرُ في مدح الحبيب تَسَطَّرَ

ما جاوزوا قطرا من الغيث الذي
أروى البسيطة من هداك وأمطرَ

يا سيدي ماذا أقول بحرقةٍ
عمن أضاع الدينَ بعدك وافترى ؟

قوم تراقص باطلٌ في دارهم
وجَرَوا على درب العدو كما جرى

حَفَلَ الكذوب بمولد الهادي وقد
خانَ الكتابَ فباع دينك واشترى

والله لو حبا أراد وسنةً
لغدا يُطبِّقُ ما تقول مُسطّرا

من كان منهجه هداك فصادقٌ
أما الكذوبُ فللحقائق زورَ

يا سيدَ الثقلين يا عَلَمَ الهُدى
لوددتُ أنِّي في فدائك حيدرا

لوددتُ أني عند غارك حارسٌ
أو أنني غيمٌ يُظلُّكَ سائرا

أو أنني بعضُ التراب بمكة
لما خرجتَ مُهاجرا لكَ غَبَّرَ

وختام حبِّيَ أن أنال شفاعة
لما أصيرُ موسدا تحت الثَرى

وأنالُ من يدكَ الشريفةِ شربةً
رياً تبلُّ فؤاد حبيَ كوثرا