((القصيدة الفائزة بالمركز الأول في مسابقة أسرة أدباء المستقبل 2009))

عِنْدَمَا يَحْزَنُ شَاعِرْ

تَلْبسُ الشَّمْسُ مِنَ الْغَيْمَاتِ جِلْبَابًا طَوِيلاً..
وَالأَرَاضِي يَتَعَكَّزْنَ عَلَى ضَوْءٍ كَفِيفٍ..
لا تَرَى مَوْضِعَ حَرْفٍ حِينَ تَمْشِي فِي الدَّفَاتِرْ
عِنْدَهَا الصَّفْصَافَةُ الْعَزْبَاءُ تَنْسَى شَعْرَهَا الْمَفْرُودَ كُرْبَاجَيْنِ
فِي أَكْتَافِ مَاءِ التُّرْعَةِ الأُمِّ الَّتِي رَبَّتْ عِيَالَ الْحَقْلِ..
يَبْكِي الْمَاءُ..
وَالصَّفْصَافَةُ الْعَزْبَاءُ تَشْكُو حَظَّهَا الْعَانِسَ لِلرِّيحِ..
وَمَا زَالَتْ تُسَوِّي جِلْدَةَ الْمَاءِ بِكُرْبَاجِ الضَّفَائِرْ

عِنْدَمَا يَحْزَنُ شَاعِرْ


يَرْجِعُ الْعُصْفُورُ لِلْعُشِّ بِلا حَبَّةِ قَمْحٍ..
وَيَبِيعُ الْبُلْبُلُ الأَلْحَانَ لِلْغِرْبَانِ..
يَنْسَى بَيْنَ غُصْنَيْنِ يَتِيمَيْنِ بَقَايَا حَلْقِهِ..
وَإِذَا الْصُّبْحُ تَدَلَّى مِنْ فُرُوعِ الشَّمْسِ فِيهِمْ ..
وَجَدُوا الْبُلْبُلَ مَشْنُوقًا بِحَبْلَيْ صَوْتِهِ
تَحْتَ غُصْنٍ أُمُّهُ يَا كَمْ تَغَذَّتْ مِنْ تُرَابِ الْمَوْتِ فِي صَحْنِ الْمَقَابِرْ

عِنْدَمَا يَحْزَنُ شَاعِرْ


يَتَخَلَّى الْمَاءُ عَنِ حَقْلٍ يَتِيمٍ فِي القُرَى الأُخْرَى
عَلَى السَّطْرِ..
وَيَرْمِي طَائِرٌ فِي بَطْنِ ذِئْبٍ رَغْبَةَ الرِّيشِ..
وَتَبْنِي أُسْرَةُ الْفَلاحِ فِي الفَدَّانِ -يَا نَاسُ- مَتَاجِرْ

عِنْدَمَا يَحْزَنُ شَاعِرْ


تُصْلَبُ الأخْلاقُ فِي الصُّبْحِ عَلَى بَابِ ثَرِيٍّ..
وَتَنَامُ الْمُومِسُ الْحُبْلَى عَلَى صَدْرِ وَلِيٍّ..
يَتَبَنَّى ذِئْبَةً سَوْدَاءَ مِنْ صُلْبِ الْكَبَائِرْ
تُنْبَذُ الزُّرْقَةُ فِي السَّطْرِ..
وَجِلْدُ النَّهْدِ يَغْدُو صَفْحَةً فِي كُتُبِ الْقِدِّيسِ..
فِيهَا وِرْدُهُ الْيَوْمِيُّ ذَنْبٌ أَحْمَرٌ خُطَّ بِأَقْلامِ مِنَ اللحْمِ
لَتَبْيِيضِ ازْرِقَاقِ الْحُلْمِ فِي عَقْلِ الْمَحَابِرْ

عِنْدَمَا يَحْزَنُ شَاعِرْ


يَكْفُرُ الْعُشْبُ بِتَشْرِيعِ النَّدَى..
وَيَعُقُّ الطِّفْلَةَ الْعَرْجَاءَ فِي الْمَشْيِ عَلَيْهِ..
(الْوَيْحُ وَيْحِي حِينَ يَغْدُو الْعُشْبُ –فِي الأَوْرَاقِ- كَافِرْ..!!)
أيُّ أمٍّ هَذِهِ الدُّنْيَا إِذَنْ!!
أَنْجَبَتِ الْهَمَّ بِعُمْرِ الْحَرْفِ مِنْ صُلْبِ الصَّحَارِي..
ثُمَّ هَزَّتْ جِذْعَهُ الشِّعْرِيَّ فَاسَّاقَطَ مِنْهُ بَعْضُ شَاعِرْ
خَدَّرَتْ سَمْعَهَا أَمْ سَحَرَتْ مُقْلَتَيِ الشَّمْسِ..
وَأَلْقَتْ بِالسِّيَاسِيِّينَ وَالتُّجَّارِ يَسْعَوْنَ كَدُولارَيْنِ فِي سُوقِ الْمَصَائِرْ!!
وَأَنَامَتْ عَقْلَهَا الْعَاجِيَّ فِي دِفْءٍ مِنَ الْعَرْشِ حَمِيمٍ..
رَشْرَشَتْ مِنْ حَوْلَهِ أَطْمَاعَ سُلْطَانٍ وَأَقْدَامَ عَسَاكِرْ
مَا لَهَا لَمْ تَدْرِ بَعْدَ الصَّلْبِ وَالتَّهْوِيدِ وَالْقَتْلِ
وَعَرْضِ الدِّينِ فِي سُوقِ ضَمَائِرْ
أَنَّ فِي جِسْمِ الدُّجَى مِنْ عَضَلاتِ الشَّرِّ
مَا يَقْتُلُ عُصْفُورًا مِنَ الْخَوْفِ..
وَطِفْلاً مِنْ مَشَاعِرْ!!
وَيْل دُنْيَا لا تَرَى لُقْمَةَ بِرٍّ بَيْنَ كَفَّيْ طِفْلِهَا الأَوَّلِ
مُدَّتْ مِنْ زَمَانِ الْخُطْوَةِ الأُولَى عَلَى السَّطْرِ..
وقَبْلَ الْبَدْءِ فِي صَلْبِ الدَّفَاتِرْ
قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ طِفْلٌ حُزْنَهُ الأمِّيَّ..
أَوْ يَسْقُطَ -مِنْ غُصْنِ حُرُوفِي تَحْتَ آلامِيَ- طَائِرْ
قَبْلَ أَنْ..
..يَعْرِفَ لَوْنُ الرِّيحِ أَنَّ الليْلَ قَادِرْ..

عِنْدَمَا يَحْزَنُ شَاعِرْ