قصتي والمسرح
__________________
قبل فترة ارسل لي صديق تجربة رائعة له وطلب مني قرائتها كانت عبارة عن مسرحية ذكرتني بمسرحيتي اليتيمة كنت حينها في الصف العاشر عندما طلب مدرس اللغة العربية الأستاذ عبدالله روضة - من ابناء دمشق المفوهين- ممن يرغب بالمشاركة بمسرحية في مسابقة ينظمها النادي الأدبي بأبها , في ذلك الوقت لم أكن أكتب الا الخواطر مسحورا بالسجع أحسبه مقياسا لجودة الكتابة وشرطا من شروط النجاح وماعلمت ان المقامات ورسائل الكتاب في العصر العباسي قدانقرضت وصارت مثالا للتصنع اللفظي الذي يبغضه القارىء , عموما لن استطرد كثيرا فلقصة الفنون والابداع رحلة أخرى , كنت احفظ بيتين من الشعر عن رسالة قدمت من بيت المقدس الى صلاح الدين
يا أيها الرجل الذي لمعالم الصلبان منكس
جاءت اليك رسالة تشكو من بيت المقدس
كل المساجد طهرت وانا على شرفي مدنس
اخذتني النشوة بالنصر قبل أن أستل سيفي وبدأت بكتابة مسرحيتي اليتيمة وياليتني لم احاول لأني ابغضت بعدها المسرح وكل مايحويه , أنهيتها في ليلة واحدة ثم قدمت بها الى مدرسي مسرورا وكلي ثقة بأني عظيم كتاب المسرح , بالطبع لم أقرأ مسرحية في حياتي ذلك الوقت ومع ذلك ابدعت ذلك الابداع , لم أكن أعلم ماهو الفرق بين الفصل والمشهد , ولا بين الكاتب والقارىء , هي مجرد فكرة وكنت سيدها لاأدري كيف ولكني سيد القلم بلا منازع فيكفي ذلك , اخذ مني مدرسي المسودة ووعدني بالرد علي بعد قراءتها بالطبع لم أنم تلك الليلة لأني كنت أنتظرشهادة معلمي بولادة أعظم كتاب المسرح .
لأول مرة في تاريخ ايامي الدراسية ايقظت والدي قبل ان يوقظني وذهبت مستعجلا الى المدرسة راكضا الى مكتب مدرسي الذي سوف يرفع راسه عاليا بي فقد صنعت له معروفا يفتخر ويعتز بي كأحد طلابه صاحب الانجاز العظيم وعندما اشتهر وتمثل مسرحيتي وتحوز جائزة نوبل او نوفل لاأدري حقا مااسم الجائزة سوف يقول استاذي انا كنت مدرس هذا الكاتب العظيم , وقفت برهة قبل دخولي المكتب جمعت انفاسي كلها ثم زفرتها زفرة واحدة واستحضرت غباء ابليس حين تكبر , ورفعت رأسي عاليا وطرقت الباب ثم دخلت وكلي زهو وعلو وقبل ان اضع قدمي الثانية كانت المسودة تصفع وجهي وحينها لم استطع لملمة حروف المسرح من على بلاط المكتب .
كانت مسرحيتي عبارة عن ثلاثة وثلاثين فصلا وكل فصل عبارة عن ثلاثة مشاهد او أكثر وكل مشهد مدته دقيقة او دقيقتين فقط الوصف الوحيد لهذه المسرحية انها استعراض لعمال الستارة والديكور لكي يعرضوا علينا مدى سرعتهم في تغيير الديكور ورفع وخفض ستارة المسرح التي اسدلت على موت كاتب لم يولد ولازلت الى وقتنا هذا اتحسس مكان الصفعة التي أخذتها وانتقمت من مسودتي شر انتقام .
اعذروني على الاطالة ولكن صديقي هذا هو الكاتب مادح أحمد ارسل لي المسرحية لكي اعطيه رايي ولكني اعتذرت ثم قرأتها ولأول مرة أعجب بمسرحية قد تكون الفكرة او قد يكون الطرح او قد يكون الكاتب او قد أكون انا , المهم سوف اقوم بعرض المسرحية على فصول وأتمنى أن اسمع وأرى ارائكم جميعا فهي بالفعل محط اهتمامي واهتمام الكاتب الذي استأذنته في هذا النشر