.

.





(1)

وأنت واقفٌ , راقب الكراسي , ريثما تجد
مقعدا شاغرا واجلس ,
اجلس
حتى
ترتاح .
وتمسك
جيدا
بنفسك ,
فالعالم .. هاوية نسقط فيها ,
ولاحافة هناك تجنبنا زلة الوقوع الأولى ؛
كلها هاوية ؛ حتما سنسقط , وتفصلنا مسافات ,
وأقربنا للقاع ؛ قليلٌ من الوقت , وسيرتاح .






(2)
هذا العالم ليس مريحا بما يكفي لتنام ؛ كل حوادثه مريبة , تدعو للشك ,
تجلّد , وأبقي عينيك متوثبة كقط يتصيد فريسة,
نبّه حواسك ألاَ تنطلي عليها حيلة النوم ؛ فتخدعها بأن كل شيء على ما يرام ,
العالم
يحدث أن يغزوك بسرعة وأنت ساهٍ ؛ فانتبه مواقع ما ترمقُ عينيه .



(3)

كلاب الشارع المسعورة لم تتعلم يوما الأناقة مع العابرين,
فمتى ما واتتها الفرصة مارست شغبها , وأناقتك لاتسعفك أن تدفع عنك شرها , وهي لا تعرف إلا العض , وأنت لم تتعلم سوى أن تكون أنيقا , فعليك إما أن تكون مسعورا , أو أن تتعلم هي الأناقة !!!
إضحك ..إضحك إضحك الآن ؛
ألأنك أنيق وهي مسعورة ؟!
لكن لاتبكي حينما تعضك ؛ فهي لاتعرف إلا العض
وأنت لاتعرف العض .

(4)

العالم مفتوح فمه كسمكة قرش , أسنانه ؛ طويلة كمسلة فرعونية , حادة جدا كشفرة؛ آن بردها , فلا تحاول أن تثور كالغوغاء ؛ فلا تفهم كيف تُساق أجنحة الجيش العريض باتساق , وأنت عاري الصدر أمامه .
أين درعك البرونز ؟ ! الذي أهديته لك , هذا !!
تدري ؟ كنت قد حفرتُ أرضنا البارة ,فوجدت كومة من معدن يشبهنا لونه , فصهرته , فكان الدرع هذا , يبدو أن رطوبة وطننا التي تزايدت قد مررت يدُ الزنجار لتهشمه .

(5)
إلى متى تخدعك دروشتك بنفسك , ترافقهاكظلها, و لاتنفك لحظةً عنها ؟ لمَ لا تجرب أن تراوغها وتهرب ؟! جَرِّب.
إسمع ؛ دروشتك هذه , تلعب بك , قرب نبع القرية , حيث يتجمعون, في كل مساء للهو , تنفش شعرها بينهم وتغمس نفسها في الترعة الوسخة, وتخرج وثوبها يشخب منه الماء , و تقهقه كمن به جِنِّة , كله حتى تفرض فوق رأسك جنحة الخُبل , فيطأك الناس ويهزأوا منك , فتنفجر بكل لؤم ضاحكة عليك , ليس ذنبها كونها تعتبرك تبيعا لها لا حول لك ,إسمعها ؛ إنها تحيك نكات عنك وتنشرها بين الناس , فــ إلى متى تتركها تُشينك ؟!




(6)

لو مارست نفسك لن يرضَ العالم عنك , لن يفهمك ,
سيطيل المُحاكمة , وجلساتها ستتوالى , لتُحاكمك , وسيسألونك في كل قضية
" كم مرة كنت أنت ؟ ... بلا مواربة أجب ؟ هاه ؟
كم مرة لبست ثوبك ولم تلبس ثيابنا ؟"
جردوك ثوبك ,
وحرجا من أن يفضحوا عُريك .. لملمت ثيابهم التي رموها في وجهك ولبستها !!
ورعك لن يهزم سواك , وهم لن يتورعوا أن يهزموك .
ستطول الأسئلة ولا جواب عندك .. ولن تكون سوى الــ مسخ ؛ لاتعرف ملامحك , فلا يتوانوا أن يحاكموا من يتوه عن الجواب فيسهل أن يُذنبوك ؛ المشوه مزعزع الثقة بنفسه , يلتفت لمن حوله بسؤال عن مدى إجادته في الجواب حتى يتقبلوا قبحه الذي سمح أن يشموه به .
حاكمهم , أثر الغبار في وجوههم أن عبدّوك لأفكارهم , غَمِس روحك بالطين ؛
كما كنت تصنع في مزرعة جدك في الريف ؛ تحبها لأنك مارست شيطانك وملاكك فيها , عبثت وربتّ , زلزلت تحت قدميك الأرض ونظّمت القش , لم يكن أحدا يراقبك فيها , وهذا كان يريحك , فمارست الإنسان خفية , وتعلمت أبجديته من خلفهم , كانت تدرء عنك أعينهم شجرة اللوز الكبيرة , ورائحة الليمون المنتشرة تضيع رائحتك ,
هناك من يحبك وتحبه , تجتمع معهم على كلمة , وتجمع يدك معهم فتخطو بعيدا عن العالم الذي يٌسقطك , فلا تمارسك , لاتمارس صوتك , ولا سمعك , ولا حتى عينك ترى ما تراه فعلا , شبّهوا عليك الصور ,
أنت حر
كائن حر ..فلا تسمح أن يسقطك أحد في حفرته .






(7)

لن تفقده ؛ هذا العالم ,
وأن تفكر طيه تحت ذراع النسيانٍ ؛ فمستحيلٌ , أخبرني كيف ستنفضه من أنفك ؟!
ما من بد إلا و تشتبك ريحه في ثوبك , عمرك , لونك , حاجاتك , الناس .
لن تنساه , صدقني , ولو بعُدتْ بك الموانئ ؛
فذاكرتك كأم تفقد ريح وليدها الميت
؛ فأنى لك أن تستبدله ؟!




(8)
العالم لو تدري مخلبٌ , يتصيد العزلى ,
تَسَمّع صراخه الغاضب ؛ في شعر إميلي ديكنسون , بال على شِعرها فلوثه , وخنق حنجرتها بغصة , أبكاها ألفا وسبع مائة وخمساً وسبعين قصيدة , كلها رسائل تتوسل إليه فيها أن يتركها وشأنها .

(9)
العالم رئيس دولة تحكم بقانون شمولي , شرقيِ اوسطي , لا يسمع إلا صوته , وشعبه إن تَعرّضه بشيء يحتاجه , زجهم معتقلاته,
ولسان حاله" والله عال , وطلع لكم لسان يا عيال"......" تودون مقاسمتي في رزقي ورزق عيالي ؟




(10)
العالم رجل أعمالٍ برجوازي يزج اتباعه في مصانعه الـــــــــ يعج بها ضجيج آلاته , فلا يعودوا إلى فراشهم ليلا سوى أجساد متهاوية, وليس في أيديهم سوى فتات خبز .

(11)
أنت , يا أنت
قد وقّع هذا العالم على أوراق العبث بك مع الشيطان فاثبت ,
اكسر صليبه , صارعه ,
ولا تتوانى أن تشهر كل سلاح تظنه يُكسبك أمامه ,
لا تبرر هزيمةً في جولة معه , كل الكسب كله لابد أن تحصل عليه , ولو هشم انفك وكسر ضلعك لاتنكسر .

(12)
أسمع صوت تكسّر عظامك في القاع ؛
مؤلم ولاشك ,
طقطقة تنتشر في كل جسدك ,
تفتت تفاصيله يبدو؟
نسجت دويا عظيما للإرتطام , لكن أتعلم ؟ بعد أن عم الصمت أدركتُ أنك لن تتألم بعدها .





(13)

أفقدتَ عقلك ؟! أو تبكي ؟! كعاشقة بلهاء , قد بتكت صدرها بحبٍ طاول شهبا , وآن لقاءٍ معه صدفةً ذاك الذي أحبته ؛ نادته أخرى, تطلبه أن يساعدها في حمل أشياءها عنها, فهرول إليها فالتا يدها من بين يديه تقززا , وأما هي ـ بعد أن رأت نكرانه ــ كأنها لم تكن/ انثنت باكية بشكل أخرق .
أنت لم تفهم قط مُوجبات كرامتك ,أتود فعل صنيعها ؟
ضع في عرفك أن الكون
بحاجة لقوة ولا مبالاة .. ولا تأبق في حبه اطلاقا . كلما مقته كلما توسل إليك .





(14)

يكفي يا عالم يكفي ما عدتُ أقدر التسّمع إليك .
صهٍ ؛ لا تتفوه بكلمة واحدة ؛ لستُ قطعَةَ أثاثٍ تحشوها في زاوية حسب مزاجك , ولا مشبكاً يُغرز في ثوبٍ, ولا مرآة ترى نفسك بها ؛ يجب أن تُخلي بيني وعقلي .
المسألة مهمة لي , وقضية أصبحتْ ؛ أن أناقش تدخلك في مقدراتي الفكرية .
زمنا قد ورايتني في رملك , وأني لا أُحسن التصرف وفق رؤاي .
وهذا مالا تود فهمه , وأُعذر قِلة أدبي معك , ولأول مرة , قد تَعودَتُنِي مهذبةٌ , لكن تلقائيتي المتمردة , أصبحت تُعجزني في استمرار المهزلة هذه ــ أن أنافقك ــ, ولم يعد من بٍد؛ أن أركُلك إن لزم الأمر .
خذ جديدي ؛ أنك ما عدت تسوى قدر نقير عندي, جلدي الــ ناعم ــ تذكره ــ قد أبدلته خشباً صلبا؛ كلحاء شجرة " المانجو " العجوزة القابعة خارج البيت ؛ الــ لا تأبه بالصيف وحره .
ـــ قد تغيّرتُ: وجداً
مكوناتي الكميائية , فقدت صلاحيتها , و لن تُعمل بعد اليوم ؛ معادلاتك أدنى تفاعل بي.

وأعدك أني بكل" تناحة" ابن فرناس سألقي بنفسي في الهاوية , وأني سأحلق كيفما أرى وأجد , لن أخشَ الهوة , وسأستمتع بالإرتطام في القاع , إن أصريت عليّ أنها نهايتي المحتومة , حسنٌ ,
فمالي أبالي؟!








(15)

العالم مليء برموز عيّيّة على الفهم, إلا عن سابق معرفة , كعتةٍ تشوكُ جلدكَ , وأنت لاتدري عنها إلا أن قَرَحّتْ جسدك الدمامل ؛ولكنّ الصدامَ كفيلٌ هزّ مدركك, فتتأمل ثم تعرف .
العالم اليوم؛ليس قرية بقدر ماهو لعبةٌ ,لعبةٌ يتسيدها لاعبٌ؛ صنعها بتقانة ذاتُ نفاذية للعقول , وبمنطقية جادة أطبقها على من لم يستطيع الصناعة ,كحال النبت الطفيلي مع شجرٍ بنائي , هذا ليس تجديف في فهم متغير نقبع حياله , بل برهنة أننا نعيش في هرطقة وحيية من قِبل صناع القرار في القُطر المُتغلب عليه ,
قدْ , قدْ أقول أن الصانع استحب أن يلهو بلاعبيه حتى يتلهّو , ومن ثَم لا مساس بهيكليته الـــ الأم " الفكر المحوري" فتصنع قالبا عالميا يأكل كل ماهو ضده , هذه المحورية أُمٌ تُلهي صغيرها الشقيُ بألعابٍ تشريهاـــــ ولا أبغي تشبيهي مشاعريا مطلقا ــــــــ فيبتعدُعن تحفها الباهظة الثمن فلايحطمها ,أو لنقول أنها منفعةٌ , ما , يبتغيها الصانع ؛ النفعية قبالة لا مبدأ , سيصبح منتهى التسييل والتحدير لكل ما يرتفع من مناهضة , لذا فالعالم ينجرف نحو قطبية واحدة , والصراع كفيل بحصر كل من يقف ليعلو برأسه بعيدا عن التوحيدية أياً .
ولاشكَ أن الصراع يخافه كل صانع قرار , فوجوده سبيل للخلاص للآخر , وقدرة مبغية لكل من يجد فكره قد ينزلق في توهة الأخر , ومن الجيد أن تملك قوة عقدية في راهن هذا الأمر , فبه تصنع رؤيةٌ في وسط تعددت فيه المعرفة وكثرت فيه الألعاب , بقي أن تمسك حبلا تفهم أهدافه ونهاياته ؛لتصنع ولو تراكميا هدفا تتوق شوقا نحوه .


العالم ليس إلا حبلاً ؛عند أحد طرفيه؛ لاعب وعند الأخر الطرف الــملعوب عليه .
العالم مسافة بين هدف ووسيلة .
وليس سوى العقيدة..
تشدك نحو أرضك وإن تكالب عليك العالم كله .


,




(16)


على جادة ( الفراغ) ,
يجتمع عاطلون و كادحون , وعاشقون في مقهى " الواقع " المشهور !
وبعد أن يلوّن النهار وجه الليل بشعاع الشمس ,
يتلاشون كالدخان في الفضاء ,
ما خلا كلامهم / وروائح عطرهم تبقى عالقة في نسيج المكان ,
والطاولة القريبة كانت متسخة ببقايا من أمنيات عنيدة ,
وعلى الأرض وقبل أن ياتي عامل النظافة بالمقهى , ويقوم بعمله كانت هناك
قهوة الأحلام جافة تنتظره ليزيلها .




.


(17)

ولم أجد بعدُ مجنونا يفهم جنونا كجنوني!
ولم أفهم بعد كيف يتوازن حرفي في عقول الأخرين !
ولم أنج من حلم لازال يكتبني مع الفاشلين !


أتفهمني أنت أم أنك تخدعني بنظراتك التي تبل بها قلبي أنك تفهمني .أأهزُ قلبي وأنفض كل ما فيه أمامك دون أن أوجل من أن لاتفهمني؟ !
أجبني هل أنت مجنوني الذي كنتُ أبحث عنه ؟ أم أنك ضائع مثلي تبحث عن مجنونتك؟!
أو نترك العالم يرقص فرحا أن عجزنا التوحد أمامه في حربنا معه ؟
أجبني ؟ فقد مللت البحث وملّ مني .








,
,