كان الحلم ، و مع تباشير الصباح يسوق الندى البشر للصبار العتيد ، فينتشي .

روحان بقدر الله هما بذرة ، للحياة تهيأت ، رعتها الليالي حبا و حرصا ، و صانها العقل خوفا و رفقا . لتغدو أقوى جنينا ينهض للحياة .
أيها الحارث الأرض رويدك ، فما شق أثوابها إلا ألم ، و ما تمزيق أديمها إلا وجع ، و لكنها الحياة تطلب البذرة و البذرة تطلبها ، فاغرس البذرة بإصبعك في جرحها عميقا و أحسن إغلاق وجه الأرض فوقها فمن هنا ستبدأ الحياة .
يا سيد قلبي ، هات يدك فما أحوجني إليها سندا و ألم الزرع يجتاحني . هات يدك فما أفقرني إليها ساعدا يمتح الماء سقيا لبذرتي ، هات يدك فما أضعفني بدونك .
و ارقب معي بذرتنا تنمو شيئا فشيئا ، بل ارعها معي كما تعاهدنا ، فما كنا نراها إلا أعظم شجرة ، و ما يكون لها إلا أن تكون أعظم شجرة ليستظل تحتها كل من في عروقه بعضا من دمائنا .

ساعة المخاض مؤلمة ، و لكن ما أجمل الحياة بعدها .