القبلةُ الأخيرةُ

د.نبيل قصاب باشي

مرجتُ طيوفي بطيفكِ فانساحَ حولَ مَدَاها المدى

وعرَّ شَ حوليْ كماالياسمينِ ونزَّ شذىً مثلَ نزفِ الندى

فدعنيْ هُنا أو هناكَا

ودعنيَ أحلمُ في مُشتهاكا

ودعني أطيرُ إليكَ على ريشةٍ قدْ تلاشَتْ .... وضجَّ نشيجُ جَواها وراءَ اصطخابِ الصدى

وغابت سُدىً في ضبابِ الردى

أطيرُ إليها لعلّي أطيرُ إليكَ وأحضنُ في راحتيكَ المدى

هناك تموتُ النوارسُ عطشى ويحرقُ ماءُ الشواطئِ مائي

وأحلمُ بالقفْر ِ ينضحُ عشباً وماءً وتمرحُ أغصَانهُ في هوائي

تصير الجبالُ سهولاً وتغدو السهولُ جبالاً إذا عَشِقَتْ أرضُنا عُشبَها في السماءِ

وحينَ يصافحُ غيمُ السماءِ سمائي أطيرُ إليكِ إلى ما وراءَ الوراءِ

وحين أحطُّ هناكَ أغيبُ معَ الغيمِ في سُبُحَاتِ رجائي

يقولو ن آمنتَ بالبحر إيمانَ أسماكهِ بالهواءِ

ولكنَّ شاطئَهُ كافر بالنوارسِ يبلعُ كلَّ غريقٍ تماهى بنجوى دُعائي

ويفجَعُ كلَّ طليقٍ تغنّى غنائي

ويحرقُ كلَّ حريقٍ تشهَّى اللظى في هَوائي ومَائي

فيا أيُّها الشاطئُ المستبدُّ أينتقمُ البحرُ من مائهِ ؟ .. هلْ ترومُ النوارسُ بحراً بلا شاطئٍ أو فضاءِ ؟

متى يصبحُ البحرُ بحراً وتغدو الشواطئُ عُشَّاً منَ الياسمينِ تعانقُ أنفاسَهُ صُعَدائي ؟

متى بلْ متى يُصبحُ الماءُ مائي وتغدو حروفُ الهجاءِ هجائي ؟

متى يؤمنُ المارقونَ ببحري ؟ متى يطلقونَ سراحَ شراعي ؟ متى يصفحونَ عن الحب كيما تَنَفَّسَهُ أنبيائي ؟؟

متى تُشْرقُ الشمسُ غرباً .. .. متى تغْرُبُ ا لشمسُ شرقَاً وتغدو السماءُ سمائي ؟

متى أيُّها الغيم ُ تقهرُ خُلَّبَ بَرْقِي ويمتحُ رعدُكَ منْ غَيْثِ نجوى دُعائي ؟

متى يا دُعائي تطاردُ كُفري وتهزمُني كي أعودَ إليكَ وكي تتعوَّذَ مني بربِّ السماءِ ؟

متى أتشهَّى فَنَائي ؟؟

فيا أيُّها الحاملونَ نُعوشي دعوني معَ الرّيحِ أحملُ روحي وأسرحُ فيها بعيداً بعيداً إلى حيثُ حطَّتْ لحودُ قضائي

دعونيَ لا تُلْحِدُوني فلَحْديْ فضاءُ الفضاءِ

تلاشيتُ كالنجمِ في الضوءِ مثلَ تلاشي الشموسِ الحيارى وراءَ السماءِ

تلاشيتُ مثلَ العروسِ الكئيبةِ .. كانتْ تراودُ عاشقَها في زَفَافِ الأماني تَصُبُّ على خدِّهِ قُبْلةَ الإنتحارِ الأخيرهْ

تلاشيتُ كالنجْمِ وقْتَ الظهيرهْ

وكنت قُبَيْلَ الزَّ فافِ أطوف الضفاف النضيرهْ

وأسرحُ في ملكوتِ الظلالِ وحوليَ حوريّةٌ عنْ يميني

وحوليْ عرائسُ بحرٍ تحوم شِمالي

ومافي الضِّفافِ سوى " بردى " هَادِرٌ في عُروقي فيا طيبَ أنفاسَهُ إذ تَرِقُّ

تقيَّلْتُ يوماً بأفياءِ صفصافِهِ .. والطيورُ السكارى ترفرفُ حولي .. تزقزقُ .. واهاً لآهي أَأَحرِقُ دمعي هنا أمْ تُرَاني أكفكفُ دمعَ الأسى يا دمشقُ ؟

سلامي رقيقٌ رقيقٌ ولكنْ " صَبَا بردى" في دموعي أَرقُّ

احترقتُ احترقتُ بدمعي فمعذرةً يا دمشقُ

فرِزْ ؤُكِ عنْ كلِّ وصفٍ يَدِقُّ

أناجيكِ يا جلّقَ الأمنياتِ وأنشدُ رسْمَكِ في وجهِ مَنْ فيكِ هامُوا وبانُوا

مررتُ بمسجدِكِ الأُمويِّ فلا أُذُنٌ تتشهى أَذَانَكِ ... باتتْ محاريبُ نجواكِ ثكلى وماتَ الأذانُ

لقد كنتِ جنَّةَ أحلاميَ الكافراتِ ومازلتِ في الأرضِ جنَّتَها فاكْفُرِي يا جِنَانُ

هنا جنةُ اللهِ في الأرضِ منها تفيضُ الخمورُ .. ومنْ " بردى " تتهادى الطيورُ .. وحولَ ضفافِ خمائلِها تَسْتحِم ُّ الدِّنانُ

هنا الحُورُ في " دُمَّر " وهناكَ بهامتِها تستظلُّ الحسانُ

إذنْ لنْ أُبالي زفافَ عَروسي إذا ما توشَّح نعشي بريحانِها واستراحتْ على لحْدِهِ أُمنياتي

سأرحلُ عنْ مُشتَهَاهَا... وخلِّ عقاربَها تجرعُ الموتَ منْ سُمِّ فِيها

وتنعى عُواء "براقشَ " أو تنفخُ الموتَ في " داحسٍ" و "البسوسِ" فإنّي نَعَيْتُ جميعَ نُعاتي

كرهتُ " نهاوندَ" ـ عذراً ـ و " صفّينَ " .. ما عادَ لي " جَمَل " هاهنا هاربٌ منْ نَجَاةِ لظَاهَا إلى نارِهَا في جحيمِ نجاتي

دعوني فعُذْريَ كُفْر ... ولستُ أبالي : كفر تُ بموتيَ عمْداً اَمَ انِّيَ آمنتُ حين كفرتُ لكيما أعيشَ حياتي

عجمان 11 / 10 / 2013م




[/COLOR]