أنا اللص
ولصين عدا الدروب وجالا
بليلٍ ولكن أرادا الحلالا
فلم يسرقا في الليالي بنكا
ولا يسرقان حليـًا ومالا
ولم يكسرا باب بيتٍ هجومـًا
عليه ولا ينشلان الرجالا
ولم يصبحا مثل لص نعاجٍ
وسارق خبزٍ ليغذو العيالا
أنا سارقٌ لا يُقاد بجرمٍ
ويرثى له الخل والند حالا
سرقت قوافٍ وأبحر شعرٍ
على موجها قد وصفت الغزالا
يعزُّ عليَّ القصيد ببعدٍ
وفي القرب فاض لديك ارتجالا
فقلبيَ يَسرقُ كلَّ المعاني
وينتحل الشعر منك انتحالا
أنا سارق الحُبِّ من غير قصدٍ
رماني برمشٍ أراني الجمالا
وأمسكت قلبيَ عنه شهورًا
لعلمي أن الوصال استحالا
وإن ما ملا اليأس قلبي أشار
إلىَّ برمش العيون تعالا
جميلٌ ويعجز ديوان شِعر
يَ عن وصفه لا يبارى جمالا
ولو أنصف البدر في الحكم أخلى
له برجه راغبـًا واستقالا
يضيء على الناس بدرًا ومعه
ترى كوكبـًا إن تبدى هلالا
فيجذبني من بعيدٍ إليه
وإن ما دنوتُ يصدُّ دلالا
أرى جلدها كالحليب مضيءٌ
إذا كشفَتْ في الظلام أزالا
فتستره كلَّه في ثيابٍ
يزيد الحياء الجمال جلالا
أرى الورد أذكر خدَّ حبيبي
وأسنانُه مثل نجمٍ تلالا
له حاجب مثل قوسٍ لرامٍ
يسدِّد منه الرموش نبالا
وفي عينه بحر خمرٍ عتيقٍ
فيَسرق لبِّيَ فيه انسلالا
يخبئه بالستور حياء ً
وعنديَ بعض الستور أزالا
فيسكب لي منه شيئًا فشيئًا
إذا قلَّ كأسيَ منه أمالا
سكرت من الخمر إني أُسرت
ولم يُبد لي حارسًا أو حبالا
فأسلمت سيفي له دون جهدٍ
وليس الهوى كالحروب سجالا
فصرت ضريع الغواني غرقت
ببحر الهوى فيه موجٌ توالى
إذا ما أتي موعد الوصل جئنا
يسوق الهوى القلب جئنا عجالا
فنأتي إليه كطير ٍسريعٍ
ونرجع عنه كحبو الكسالى
إذا ما ألح الفؤاد بسؤلٍ
أجبت بحب أجبت السؤالا
أجبت بحب فلا فض فوك
أجبت بحب أجدت المقالا
فأعجبني القول منك ولكن
أنا لا أرى للكلام فعالا
تراوغني بالأماني كقيدٍ
وتجعل هجري عقابـًا نكالا
فمن في هواك نجا من فراق
ومن في هواك تمنى فنالا
ومن قد جنى من ثمار حبيبي
ويرشف ريقـًا شهيـًا زلالا
تمنيت أني أفارق جسمي
وأصبح عند الحبيب خيالا
وفي القلب نارٌ من الشوق تطغى
عليه ويطلب منك البلالا
فمن ذا يداوي جراح فؤادي
ويوقف نهر الدموع المسالا
إذا قلت للقلب نمشي يمينـًا
يجيب حبيبي أشار شمالا
رجوت فؤادي لينساه يومـًا
أجاب بلا ألف لا لا ولا لا
وما زال يضحي ويمسي يُمَنِّي
يَبِيْتُ ويصبح يرجو الوصالا
تغر الأمانيُّ قلبي كأني
على شط بحرٍ بنيت الرِّمالا
ويجثم دومـًا على القلب ليلٌ
فهاج إليك وشدَّ الرِّحالا
ولا أطلب الوصل منك لأني
إذا ما سألتُ أطلت المطالا
شحذتِ سيوف الهوي وابتعدت
وأطعمتِ قلبَ الحبيب النِّصالا
تُمَنِّيْهِ حُبـًّا وشوقـًا وعشقـًا
أَسَلْتِ لعاب الفؤاد فسالا
وأخشى عليه من الوجد ألاَّ
يفرق بين الهدى والضلالا
ويفتقر القلب للحب منك
فكوني له في الرجاء ثمالا
ولو قد أشرت إلي برمشٍ
لكنت إليك ركبت المحالا
أنا اللص أخيب لص لأني
سُلِبتُ فؤادي فطار وجالا
أنا اللص أخيب لص لأني
سُلِبتُ النعاس فسهديَ طالا
ولو يعلم الناس حبي تداعوا
علينا بـ "قالوا" و"قيل" و"قالا"
ولو ينفع القلب منك رجاءٌ
لقبَّل قبل الأيادي النعالا
وأخشى بأني ألح بسؤلي
عليها فتبعد عني ملالا
أنا ما أردت إطالة شعري
ولكنه رغم أنفي استطالا
سألت إلهي الشفا لحبيبي
ويجري إليه السحاب الثقالا
وأهنأ أو لا بكل حياتي
ويبقى سعيدًا وينعم بالا