إخوتي وأخواتي اعتذر على طول الغياب نظرا لما تمر به ليبيا العزيزة من حرب ودمار وخطف وقتل وترويع الأمنين فادعوا لها .
وأضع بين أيديكم هذا العمل المتواضع فلا تبخلوا عليَّ بالنقد و التصحيح .


أُخَيَّتِي مَا أَوْحَشَ السِّجْنَ !

الطويل


إهداءٌ إلى أَخواتي اللائِي لم يتركْنني في مِحنتي




أُخَيَّتَنَا مَا أَوْحَشَ السِّجْنَ مَطْلَبَا !
إِذَا نَحْنُ أَوْرَدْنَاهُ رَأْياً وَ مَرْكِبَا
*
تَسَتَّرْتُ بِالْجُذْرَانِ أَلْتَحِفُ الْأَسَى
غَدَاةَ عَلاَ صَوْتٌ مِنَ الْأَمْرِ مُكْرِبَا
*
وَ حُرِّيَتِي الْحَمْرَاءُ شَمْسٌ تَلَحَّفَتْ
عَلَى جَلَدِي ، حَرْفاً مِنَ الْمَوتِ غَيْهَبَا
*
أَنَا السِّجْنُ وَ السَّجَّانُ أَمْراً قَضَيْتُهُ
فَلَا تَفْجَعِي ، خَيْلٌ مِنَ الْجَوِّ قَدْ كَبَا
*
جَزَاكُنَّ رَبِّي الْفَضْلَ مِنْ كُلِّ وِجْهَةٍ
وَ حَفَّ بِكُنَّ الْحُبُّ أَنْدَى وَ أَعْذَبَا
*
تَنَكَّرَتِ الأَيَّامُ لِي بَعْدَ غَفْلَةٍ
وَ قَدْ كُنْتُ عَنْ صِرْفِ الزَّمَانِ مُغَيَّبَا
*
فَمَنْ شَاءَ فَلْيَنْظُرْ إِلَيَّ وَ إِخْوَتِي
فَلِلَّهِ حَالٌ مَا أَمَرَّ وَ أَخْيَبَا
*
فَلَمَّا تَنَافَرْنَا الرُّؤَى عَنْ حَقِيقَةٍ
تُرِكْتُ أَسِيراً لِلْهَوَانِ مُنَكَّبَا
*
فَلاَ يَسْتَوِي حَدَّ الْحُسَامِ وَ ظُلْمِهِمْ
وَ إِنْ كَفَّ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ الْحُزْنُ مَذْهَبَا
*
وَ مِنْ دُونِهِمْ قَلْبَانِ ، قَلْبٌ مِنَ الرِّضَى
وَقَلْبٌ بِرَيْحَانِ الإِخَاءِ مُطَيَّبَا
*
سَقَى اللهُ عَهْداً مَا خَلَتْهُ مَوَدَّةٌ
سَجِيَّةُ نَفْسِي أَنْ يَعُودَ وَيَقْرَبَا
*
وَبِتُّ أُنَاجِي الْلَيْلَ كَيْفَ مَصِيرُنَا !
وَ غَارَتْ بِيَ الأَوْهَامُ شَرْقاً وَ مَغْرِبَا
*
فَوَا أَسَفِي حَتَّامَ وَ النَّارُ فِي يَدِي
وَ قَصَّرَ جُهْدِي أَنْ أَنَالَ الْكَوَاكِبَا
*
وَلَنْ أُكْثِرَ الْيَوْمَ التَّشَكِّي فَإِنَّنِي
صَبُورٌ إِذَا الأَيَّامُ شَآءَتْ تَقَلُّبَا
*
وَ لَمْ أَرَ مِثْلَ الْبَحْرِ أَجْلَى لِكُرْبَتِي
تَبَاعَدَ عَنِّي خِشْيَةً وَ تَحَسُّبَا
*
فَإِنْ قُلْتِ لِي يَا أُمَّ أَحْمَدَ مَرْحَبَا
فَلاَ تَعْذِيلِينِي أَنْ أَثُورَ وَ أَغْضَبَا
*
وَ مَا زَادَنِي رَجْعُ الْيَرَاعِ صَبَابَةً
وَ مَا زَارَنِي الْيَوْمَ الْحَمَامُ لِيُطْرِبَا
*
وَ ماَ ذَبُلَتْ بَاكُورةُ الشِّعْرِ بِالْأَسَى
وَ ذُو الْحُبِّ قَوَّالٌ إِذَا مَا تَعَذَّبَا
*
وَ وَاللهِ مَا ضَاعَتْ شُجُونٌ كَتَمْتُهَا
وَ مَا خُنْتُ وِدّاً أَرْيَحِيّاً مُهَذَّبَا
*
وَ أُقْسِمُ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْقَلْبِ تِرْحَةٌ
لَكَانَتْ لِأَقْلاَمِ الصَّبَابَةِ مَلْعَبَا
*
وَكُنْتُ أَرَى أَنَّ الْفُؤَادَ الْذِي هَوَى
حَمَاهُ انْفِلاَتُ الْعَيْنِ أَنْ يَتَلَهَّبَا
*
وَ أَبْدَى لَنَا مِنْ حُزْنِهِ وَ اشْتِيَاقِهِ
وَ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ الْحِسَانِ وَ أَسْهَبَا
*
وَ آخِرُ عَهْدٍ لِلتَّصَابِي سَتَرْتُهُ
خَيَالٌ أَخْصَّ النَّوْمَ إلاَّ تَغَيُّبَا
*
لَقَدْ جِئْتُهَا مِنْ جَانِبِ الْعِشْقِ مُتْعَباً
فَسِيَّان عِنْدِي أَنْ أَرَاهَا وَ تُحْجَبَا
*
وَ كَانَتْ أَوَاخِي الصَّبْرِ هَمّاً يَشُدُّنِي
فَيَا لُطْفَ مَا أَخْفَى الإِلَهُ وَ مَا حَبَا
***

طرابلس 2014.12.31