تسول....!!

التصق الجسد النحيل في حائط المسجد...تدلت سترته البالية فوق بنطال عتيق وممزق فقد لونه تحت اشعة الشمس..يتقن دور التسول جيدآ..وجه كالح بثياب رثة..ونداء يستجدي الشفقة بنبرة أحتياج حزينة.. في حين جادت ايدي المحسنين ببعض الالبسة الفائضة عن حاجتها..لكنه ابدآ لم يجربها يومآ وقت التسول..ينبغي ان يبقى داخل اطار صورة تعيسة..ذلك هو نظام مهنته الحالية ومورد قوته اليومي..وعند الزوال قام بجمع حصيلة عمل الصباح عندما توجه الى الازقة متواريآ عن الانظار قليلا.. رتب العملات الورقية بحركة خفيفة من يده..ثم اخرج من بينها ورقة نقدية مهترئة..ليتناول فيها طعامه من احدى عربات الاكلات الشعبية الرخيصة.. مرَ بالقرب من مطعم فخم لايرتاده سوى أصحاب المناصب والثراء الفاحش....تصفح أنعكاس صورته على الباب الزجاجي..وكأنه بدا مستمتعآ بمظهره الوسخ.. بعد دقيقة أمضاها يحدق في عينيه أنفه..واذنيه..مد لسانه ساخرآ ممن يجلسون خلف الزجاج..يتبادلون الحديث أمام اطباق شهية لا تخطئها أنوف الاشقياء أمثاله..أستأنف سيره بعد ان شعر بشدة الجوع.. عبرَ الشارع المزدحم بالمركبات وصولا الى الجهة الاخرى.. أبتسم للهواء عندما لامست اصابعه الممتدة في جيبه ثمن وجبة غدائه..ومع انها تمزقت حتى المنتصف عند الدفع..الا انه بدا سعيدآ اذا ان صاحب العربة لم يرفض تسلمها منه..مسح على بطنه بشعور عميق يدل على الراحة والرضا..ثم قفل راجعآ الى بيته بعد عناء يوم حافل..دفع الباب بيده وسار نحو اكوام اللحم المتكدسة حول قدر حساء لم يجهز بعد..اخرج ماجمعه بالكامل ووضعه في حجر أباه المقعد ثم قال:
_أكتمل الان ثمن دوائك!

رفعت يد نحو السماء تدعو.. بينما هو يغادر مجتازآ فناء الدار.



#‏عبير المعموري

قصّة أحداثها مؤثّرة!
بوركت
تقديري وتحيّتي
(تمنّيت المراجعة اللّغويّة قبل النّشر لوجود بعض الأخطاء)

الأخت الفاضلةعبير المعموري

نص جميل عالج جانباً اجتماعيا بأسلوب جميل و بسرد مؤثر ..

تحياتي ومرحبًا بكم.

نص رائع وقصة جميلة تحمل الكثير بين طياتها وإغلاق للقصة أكثر من رائع

سلمت أناملك ودام قلمك مبدعا

التسول ظاهرة خطيرة لها أساليبها وأسبابها ـ منهم من يلجأ إلى التسول مضطرا في البداية
نتيجة للفقر أو المرض، ثم يحترف التسول وقد وجد فيها مهنة مريحة ومربحة
ولن تنتهي هذه الظاهرة إلا بمحاربة الفقر والبطالة، وبتوفير فرص عمل للقادرين.

رسمت صورة معبرة بحرفية ومهارة لذلك المتسول في قصة واقعية موجعة.
أهلا بك في واحة الخير والأدب والجمال.
ولك تحياتي وتقديري.

توفقت في نقل ظاهرة مجتمعية بقلم جميل واع بما يعرض على القاريء.تقبلي مروري استاذة :عبير العموري

مرحبا عبير
نص جميل نقل لنا صورة حية لظاهرة باتت تشوه وجه المجتمع حيث احترفه البعض عوضا عن الكثير من المهن التي لاتجلب احتياجاتهم اليومية من ملبس ومأكل ودواء وغيرها ...

.لكنه ابدآ لم يجربها يومآ وقت التسول.

يبدو أنه أحب المهنة وأدواتها راقت له بيد أنه لم يستعمل ما تجود به أيادي المحسنين من ألبسة

اخرج ماجمعه بالكامل ووضعه في حجر أباه المقعد ثم قال:
_أكتمل الان ثمن دوائك!

ورغم امتعاضي ومقتي لتلك الظاهرة إلا أن الكاتبة أبت إلا أن نتعاطف مع البطل فيما ذهب إليه
شكرا لك نصك الماتع وببعض التريث لتجنب الهنات البسيطة والتي لم تؤثر على بهاء النص لاكتمل
تحية وتقدير