بعدَ ذو الكفلِ العادلِ،
توالتْ نداءاتُ التوحيدِ،
وما زالتِ القلوبُ تُعانِدُ،
الدعوةُ للإيمانِ، ورُسُلٌ لا تحيدُ،
عن صراطِها، وكفرُ أقوامِهم زائلٌ.
وتمضي النبوةُ في دربها، نورٌ على نورٍ، وهديٌ من الرحمنِ.
توالت الرسالاتُ تدعو
إلى التقوى والصلاح،
رُسُلُ اللهِ لوحدانيته أولياء،
ماضون في درب الحق والإصلاح.
وسطعَ نجمُ نبيٍّ جديد، يشقُّ ظلماتِ القومِ بنداءِ العروة الوثقى...
فكان عهدُ يونسَ ذي النونِ،
يُكذِّبُهُ قومٌ يَجهَلونَ..
فألقى اللهُ فيهم إيمانًا،
وكانت توبتُهم غُفرانًا.
---
يونس
بَعَثَهُ اللهُ لِقومٍ طَغَوا،
في الموصلِ حيثُ البُهتانُ،
فناداهُمُ: عودوا لِرُشدٍ، يناشد
فَزادوا جُحودًا، ولا قلبَ لانْ.
فأنذرهم أن عذاب الله حان،
وأمرُ اللهِ نافذٌ لا يُردُّ.
خرجَ يونسُ من قومهِ غاضبًا،
لعذابٍ سيَحلُّ بهم مُجتنِبًا،
لكنَّ الكريمَ على القومِ رحمَ،
فأخلصوا الطاعةَ ونجَوا من الألمْ.
قومُ يونسَ استثناءٌ وتذكرةٌ،
ورحمةُ الرّحمنِ أجرٌ للثّوابِ،
لِقومٍ إذا أنابوا، وإن عبدوا الصَّنَمْ،
تداركهمُ اللُّطفُ من ربِّ النِّعَمْ.
ولم يكن لقومٍ كذّبوا نبيّهم أن ينجوا...
لكن رحمة اللهِ سبقت، فقصَّ علينا ربُّنا قصّتَهم عبرةً، فقال تعالى:
"فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ ۘ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ"
[سورة يونس: 98]
---
أبحرَ يونسُ بلا أمرٍ أوحى،
فكان عقابُ الإلهِ جليّا،
ذاكَ المُختارُ، المُلقى،
والتقمَهُ الحوتُ بأمرٍ عليّا،
كان لأمرِ ربِّه مُجيبًا،
فاستقرَّ نبيُّ اللهِ حيًّا،
في بطنِ الحوتِ، صابرًا رضيّا.
في جوف الظلمات، حين علم ذنبه وما أصاب،
استغفرَ يونسُ، وسبّحَ تضرّعًا،
بدعاءِ ندمٍ نطقَ به نجيّا.
"فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"
[سورة الأنبياء: 87]
---
فكان يونسُ نبيًّا عبرةً،
لمن أذنبَ، رجعَ فتابَ،
رحمةُ اللهِ تغشَى التائبين،
ودعاؤهُ عندَ اللهِ مستجابُ.
"وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ"
[سورة الصافات: 139-140]