سلاٌمٌ عَلَيْكِ من قلبٍ سَقاه الرافعيُُّ ، وسَلامٌ على الرافعِي .
أيا حُرَّة
كنت بين يَدَي السُّلطانِ ـوأنتِ أَعْلَمُ بالسُّلطانِ ـ وكانَ يبوحُ السِّر قائِلاً : أنا الابنُ العاقُ للرافِعي ، وَما قَصَد مِن العُقوقِ إلا التَّحَرر ، وها أنتِ يا حُرَّةُ تعلنين الانعِتاقَ ، إِلا أن الرافِعِيَّ مازالَ يروي العِباراتِ، تُعلنينِ الكُفرَ في صدقِ الإيمانِ ، وتنُثرينَ القَوْلَ من نبع البَيانِ ، إلا أن للحظةِ مُشْتَهاها ، ولا تُدْرِكُ الحُروفُ ـ وإن أطالَتْ التِّرْحالَ في الصَّفَحاتِ ـ مُبْتَغاها ، وقد رأيتكِ ذاتَ َيومٍ تُطَرِّزينَ من صفرِ الصفحاتِ ثوبًا ، وتَنْسجينَ من رسائلِ الأحزانِ بردةَ الهَوى المأسورِ ، ومن وحي القَلمِ أتتكِ رسالاتُ التبيينِ ، وأراكِ اليَومَ والرافِعِي رسول أحلامكِ تُعلنِين عَليهِ الفراقَ ، فراق الحَبيبةِ للحَبيبِ ، والسميرةَ للسَّميرِ ، ولا أظن الهوى قد بَرح الفُؤادَ ، ولا أرى الفَصْلَ إِلا مِن بابِ وصلٍ ، أتراكِ أحببتِ الورق الأصفرَ حَتى أشفقْتِ عليهِ من إهمالِ جيلٍ يعادي البَيانَ ، وقد طَّلق اليَراعَ والبنانَ إلى الأزرةِ باحثًا عن الظلالِ الشائِهةِ لا يَعرِفُ من السِّباحَةِ في الفَضاءِ غَيرَ القواقع ، تاركًا اللآلئ في الصدفاتِ .
أَيا حُرة ،
أَوَ عَزَمَتْ العُصْفورَةُ الانْعِتاق من قَفصِ الرافِعي ، مِنْ قلبِ الرافِعيِّّ ؛ لِتَسْبَحَ في عَوالِمها وقَدْ سَكَن مِنْها الرافِعيُّ الرُّدهاتِ والقاعاتِ ؟!
أعصفورة الواحة، حَلِّقي وقَد ملكتِ أشْرِعةَ الَبلاغةِ تَحْدوها ريحُ إِبْداعٍ تزجي رحل نَثْرِكِ إلى القلوبِ ، حيثُ يسكنها الرافعيُّ فرحًا كُلَّما رأى عُصْفورًا تَحَرَّر وامتلك الجَناحَ ، مُصَفِّقًا لكل من لم يَسْلُ المَحْبوبَ ، وهُوَ من سَلاهُ .
أديبتنا
كُلي تقدير
مأمون