السلام عليكم
أخي الكريم الشاعر القدير محمد وهبة
لقد وقفت حقًّا و صدقًّا عند مداخل حرفك أتهيب الولوج إلى ممراته و سبله
فمعانيه لاذعة حارقة وأكثر
و صوره مؤلمة و مزلزلة لما في الصدور من روح تتردد حائرة مهزومة بقهر الواقع الأليم
ومع ما أوافق به أخي الخديدي الحبيب
من أن الإله والرب هو الله الذي تفرد في علاه بالملكوت و السلطان
إلا أن كلمة الرب عندك لم تكن لتتطاول على ذات الله فحاشى وكلَّا
بل أنت قد وظفتها في صيغة الظلم و الجبروت و الطغيان الذي ضاقت به الصدور
فرفضته رفضًا قاطعًا جاء على لسانك في أكثر من موضع في القصيدة
وهذا يحسب لك
فكثيرًا ما نقول كلمة رب للتعبير عن القيِّمِ بالأمر
وعن الصاحب والمالك والمتصرف
( مثل : أرباب البيان , أرباب الشعر , أرباب الأدب , أرباب الصنعة .. )
وأنت قد عبرت عن ذلك بما جاء في نصك بأن ذلك الرب هو الزعيم المطلق المتربع في البيت الأبيض
والذي أيضًا لم يفتك أن تعرج عليه باستعارات و تشبيهات لكي تنال من قدسيته المزيفة التي بات عالمنا كله يخشاها ويحسب لها ألف حساب
نعم
هناك في قصيدتك امتهان لكلمة الرب
ولكنه ذلك المعني في نصك
وليس سواه
وهذا ما أجده في نصك - والله أعلى وأعلم -
ولعلني إذ أوافقك في ما ذهبت إليه , فإنني أسألك أن تكتفي بكلمة الرب دون الإله فكلمة الرب لها استخدامات مخالفة لكلمة الإله لأن الألوهية لله وحده
وأما عن بديع حرفك وجمال سبكه
وتناسق تركيبته وتوليفته مع الغرض
ففي هذا قول قد يطول
فانت وقفت على دقائق الصور
فلونتها بحرفك
و أخرجتها لنا نابضة بالحس و الشعور
في إطار من بلاغة لغة و قوة مراس شعري يشهد لها بالتفوق
وأعلم أن الإطناب في امتداح مفردات النص
وجمالياته
قد يحيد بالنظر عن هدفه
ولذلك
دعني أعرج على بعض مما ورد فيه من وقفات تستحق الوقوف عندها كثيرًا :
- فمنذ البدء يبرهن الشاعر على إيمانه المطلق بالقدر برغم حزنه من تلك المقدرات
ولكنه يصر على أنها قضاء نافد ليس له أن يعارضه :
أهكذا الدنيا ........بلاء
وابتلاء...؟!
أهكذا الأيام تمضى ....
بين بدء.......وانتهاء ؟!
- ثم يعزو كل ذلك إلى زللنا نحن وكأنه يردد الآية الكريمة التالية في نفسه ( وما أصابتكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) .. الشورى
فيقول معبرًا عن ذلك :
بل نحن – حتما – من أساء
ما شردونا ذات يوم ...بالعراق ...
ما حاصرونا ...دون دماء ...
أو دواء......
وهذا تدليل آخر على قناعته المطلقة بحكم الله في تصاريف الأمور
- ثم ينتقل إلى تعليل هذا الزلل بهذا الفعل :
ولكن .... حقدنا ....
كالنار قد بلغ السماء
فهو يعبر هنا عن حالة التفرق والشرذمة , والملليلة والطائفية والمذهبية التي سلطت سيوفها في رقاب الأبرياء , وفي صدر الدولة والشعب على حد سواء
فخانت وباعت وما نتج عنها إلا الاستعمار
- وهنا :
أحقادنا !!!!؟
أحقادنا يا صاحبي .....
قد أيقظت عين الإله!
فإذا به
قد أصدر الإنذار .....كيما ننتهي ...
كيما نعود ....إلى السجود ...
لكننا ....
أبدا بقينا في العصا ه
يقدم الشاعر وصفه لذلك الإله بأنه ذلك الزعيم المطلق الذي أبصر بعيون جواسيسه ومخابراته أحقادنا وتشرذمنا فعرف أن وقت النيل منا قد حان
- ويتنقل الشاعر من صورة إلى أخرى مدللًّا على ذلك الرب المزعوم حتى يصل إلى وقفة يجلي بها الغشاوة كلها فيقول :
يا سيدي يا من ملكت الأرض
بالفيتو المبين
يا من أسرت قلوب كل المؤمنين
بمعجزات العولمة ….
بالقهر ….لا بالمرحمة…
فهنا يتضح للقارىء من هو ذلك الرب المزعوم الذي أله نفسه وتحكم في مصائر الناس بغير وجه حق
,,,,,,,,,,,
وساكتفي بهذا القدر من الوقف على أغراض النص من خلال صوره وإيحاءاته السابقة
لكي تتضح معالم هذا النص
مع وافر تقديري
واعتزازي