اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطاف سالم مشاهدة المشاركة
أخي الفاضل والأديب القدير / محمد الحامدي
لقد قرأت هنا مايسد الرمق بعد عطش شديد لمثل هذا الكلام المنصف بحق الإبداع وبحق القراءة الحقة للإبداع ,,,
اما الشعر فمازال عندي هو إيقاع وموسيقى وشاعرية وعاطفة وسليقة وعفوية وصور ولغة وتلاحم سواء أكان عموديا أم تفعيليا ( حرا )
إنما مايسمى بالشعر المنثور أو النثر المشعور أو قصيدة النثر فظني أنها غير داخلة في معنى الشعر وإلا اعتبرنا مؤلفات المنفلوطي وسيد قطب والرافعي وكبار كتاب النثر هي قصائد ..
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الضوابط تختلط عندئذ والخصوصية تفتقد بين جنسي الأدب إذ لكل فن خصوصية وتفرد فالشعر له ضوابطه وأصوله والنثر كذلك والجامع بينهما هو اعطاء كل فن حقه من الإبداع والتفنن في الآداء بحيث أنك عندما تقرأ القصيد من الشعر تقول عنه هذا هو الشعر الفاخر حقا .. وفي المقابل عندما تقرأ النثر تقول هذا هو النثر الفاخر حقا ..
وذكرني قولك : ((حتى الذين أرادوا أن يقولبوا الأوزان الشعرية فوضعوا البحور الطويلة للأغراض الجادة والبحور السريعة للأغراض غير الجادة سرعان ما تراجعوا أمام قصيدة بحرها طويل وغرضها هزلي ...)) بإدراج لي أسميته المثل العربي هل هو من الثوابت ؟
حيث إن كلام القدماء حول فنون الأدب المختلفة ليس بالضرورة أن يكون حاملا للمصداقية والموضوعية في كل أحواله فنصوصهم وأقوالهم ليست مقدسة بل هي قابلة لإعادة النظر فيها وبالتالي هي قابلة أيضا للتغيير والتبديل ..
أما فيما يتعلق بالمدلولات اللغوية فعلى الناقد والكاتب على حد سواء أن يلم ببعض المصادر التي تتعلق بالفروق اللغوية بين المفردات وبجديدها وبيان مدلولاتها إلى جانب حدسه وذوقه ومنها :
الفروق اللغوية للعسكري - الأشباه والنظائر - الإتقان - معجم بقية الأشياء - فقه اللغة - الصاحبي - وغيرها من المؤلفات المتعلقة باللغة فضلا عن القواميس والمعاجم على اختلاف ضروبها ومناهجها .
وأختم ردي هذا باتفاقي معك في كل ماذهبت إليه خاصة تلك المقولة التي ختمت بها نصك وهي :
((بقي أن أذكر بأن من يشترط للشعر شعرية يجب عليه أن يكون منصفا فيشترط للقراءة قرائية))
ولعلنا ننتظر منك مفهوما للقرائية مقننا بضوابط ( مطاطية ) قابلة للمط والزيادة أو التعديل والتبديل والأخذ والرد
إنما أحب أن أضيف أن الناقد إلم يملك سلامة الطبع وموهبة النقد ودقة الحس ورفاهية الذوق فإن الأدوات النقدية قد لاتسعفه في أغلب الأحوال ..
وأحب أن أضيف كذلك أنه ليست كل النصوص تحتاج إلى إظهار جمالياتها لأن بعضها يندرج تحت أحد النوعين الأتيين :
* أما الخلو من الجمال ويكون مجرد نظم لا اكثر مع الاحتفاظ بسمو الفكرة .
أو * امتلاؤه بالغث التافه البارد من الصور والمعاني فيحتاج الناقد معه إلى نفضه وتخليصه من هذه السموم الكتابية المنحرفة عن معنى الإبداع المؤثر والمسيطر.
أخيرا
لقد سعدت الحقيقة جدا بقراءة هذا المقال القيم جدا
تقبل أخي الكريم الفاضل جل تقديري واحترامي
وتحيتي لك صادقة خالصة
نعمٌ نعم سيدتي ، لا بدّ من إعادة النظر - بوعي وإدراك - فيما عشنا نعتقد أنه " مقدس " في تراثنا الأدبي بوجهيه إبداعا ونقدا . نعم يجب أن نعيد تعريف الأدب وتعريف النقد ، وأن نطور أدواتنا في الكتابة وفي النقد بما يجعلنا نحدث ذلك الدوي الشخصي لكل عصر وكل ظرف ... لذلك وبعد أن يمتلك الناقد / القارئ ثقافة اللغة وثقافة النقد وذلك الحس الأدبي الفني وكل ما ذكرته من شرائط عليه أن يمتلك أيضا القدرة على رصد التجديد ودفعه في طريق قويم يجعل النص الأدبي نصنا نحن - بني هذا العصر - لا نص الماضي المعتق ولا نص من يحيط بنا من غالب كأننا مضطرون إلى الاقتداء به من شعر منثور وأدب أبيض وغيرهما ،، وأظن أن ذلك لا يتم إلا بمثل هذا الحوار الذي تدشنه الواحة وأمثالها لنصل إلى زخم تنظيري ينفع أدبنا ونقدنا .
نعم يتجاذب ذائقتنا نموذجان ونحن الأشقياء بهما : نموذج ماضوي يفرض نفسه علينا على أنه كالكمال والمقدس ولكنه يختل توازنه أحيانا كثيرة في ملاحقة شخصية عصرنا ونسقه ، ونموذجي " آخروي " يفرض نفسه علينا لما له من غلبة حضارية ولكنه لا ينسجم مع صحراوية ذوقنا وسمرة لغتنا وتجعد شعر ثقافتنا . نحن بين هذا وذاك تتجاذب ذاقتنا رغبتان استعادة أدب الماضي ومجده واستيعاب إبهار الآخر وغلبته . ولكن وإن كنا نعي ذلك فوعينا شقي يتيم تتوه هوية ذائقتنا أحيانا كثيرة إلا من رحم الله . لذلك أرى أنه حان الوقت ان تفضي مثل هذه الحوارات إلى تشكيل أدبنا الخاص وثقافتنا الخاصة في عصرنا الذي يجب أن نقوده ولا ندعه يقودنا . هنا بالذات على النقد أن يوفق ولو كلفه ذلك السهر والجهد بين حداثة الذائقة وأصالة الصياغة . لا بد من تأسيس معجم نقدي تاريخي ومعجم إبداعي تاريخي بعيدا عن الإسفاف والسطحية ولكن بعيدا أيضا على الإيهام بالتطور في ظل تقديس كل ما ينتجه الآخر دون وعي وفهم وإفهام ...
للحوار بقية وشكرا سيدتي على هذا الحوار الراقي