عندما يضجرُ الصمت
يوما دُعيتُ لجَلسة ٍ فيها يُناقِشُ طالب ٌ أستاذَه
عَنْ بَعْضِ ما لَمْ يَسْتَسِغْه مِنْ المَفاهيم التي
اتسَمَت بِها
لُغَةُ التَقدمِ
والحَضَارةْ
في ذلك الفصل الدراسي الذي
خَلَعَتْ
عَبَاءَتُه النَضَارَةْ
و حَقائِبُ الطُلابِ مَلأَى بالتَوتُّر والمخَاوِفِ
والمَذابح والمعارك
والبَلايا والرَزايا
كُلُّهَا أَصْل ٌ
وَلَيْسَتْ مُسْتَعَارَة
سألَ النجيبُ معلمَه أن يعطيَ التفسيرَ
عن دُهِم العِبارة
لِيَقِيْهِ شَرَّ الإلتِبَاسِ تَحَسُّباً إِنْ مرَّ يوماً
في دَهَاليزِ السِفارة
فعساه ُ يَحْفَظُ بَعْضَ مَا يُمْلى عَليهِ
وَبَعْضُ مَا يُمْلى
مَرَارَةْ
ما الفرقُ ما بَيْنَ
المُقَاوِمِ والمُقَاوِلِ
والمُحَاكِمِ والمُحَاكَمِ
والمُهَجَّرِ والمُهَجِّرِ
واختلافٍ وائتلافٍ
واعتكافٍ وانحرافٍ
واستلامٍ واختطافٍ
واصطبارٍ وانجرافٍ
واختلاسٍ واحتراف ؟!
كل المفاهيمِ التي انْثَالَتْ إلى أسْمَاعِنا
أَتُرَى لها أَصْلٌ أَمْ التَاريخُ
مِنْ بَعْضِ
القَذَارَة ؟
قُل لي متى كانَ الدِمَقسُ الخادمَ الأبهَى
لأودِيةِ الحِجَارة ؟
ما الفرقُ يا أستاذنَا بَيْنَ
السِيَاسَةِ والدَعَارَة ؟!
أوليسَ في كلتيهما حالاتُ رِبحٍ أو خَسارة ؟
أوليس في كلتيهما عَبْدٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى
في سُوق عَارٍ اسمهُ سُوق النِخَاسَةْ
ضُرِبَت على أكتافه نَارُ
المَذلةِ والمَهَانةِ والخَسَاسَةْ ؟
من حقهِ ظَمَئٌ وَ وِرْدُ الماء ِ ينبع
من حقهِ جوعٌ وذاك الذئب يشبع
من حقه ِ بَرْدٌ إلى نصفين يقسم ظهرهُ
وعلى نُيوبِ الدَهْرِ يُلقي طُهْرَهُ
وعلى سِياطِ الزيفِ يقتل ذِكْرَهُ
وعلى رَغِيفِ الخُبزِ يُزْهِقُ عُمْرَهُ
قل لي متى كان المُفَكِّرُ
يا جليلَ القَدْرِ يَلعَنُ فِكْرَهُ ؟!
والشاعرُ المتبولُ يَلْعَنُ شِعْرَهُ
هذا زمانُ القهرِ يا أستاذنا
قَدْ حُقَّ للصمتِ اعتلاءُ منابرِ
أوما ترى أن البنفسجَ ليس يطلعُ
من أديم مقابرِ
أوما ترى الشحرورَ عَزَّ غِناؤُهُ
مِنْ بعدِ قَهْرٍ قاهرِ
إني أخَافُ على ورودِ الحَي
تُتْلِفُها الجِزارَة
مَا حِيْلَةُ المَسْتورِ
إن سَلبوا إِزَارَه ؟
كان المعلمُ مُنْصِتاً إنْصَاتَ جَارٍ جَائعٍ
هُشِمَ الثَريدُ بِدَارِ جَارِه
خَفَتَ البَرِيْقُ و أبْصَرَتْ عَيناي في عينيهِ
مِنْ قََبْل الإجاباتِ الشَرارَة
صرخ اعدموه
وأغلقوا
,
,
,
تلك السِتَارَةْ



رد مع اقتباس