اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مُنتظر السوادي مشاهدة المشاركة
أَمانةُ الحياةِ
دبَّ البياضُ فِي نظرتِه ، شردَ منه التركيزُ ، لا يدركُ ما يفعلُ .
تشربت أَزهارُ روحِه من براءةِ أنهارِهَا ، وَخالطَ أَوديةَ مُناه ندى ربيعِهَا ، بدأَ يُطلقُ فراشاتٍ لِتلونَ أَحلامَه البعيدةَ . اعشوشبَ الليلُ تفكيراً ، أتبادلُني خفقةً من هذهِ الأَشواقِ التي لا تهدأُ ؟ .
جثمَ على مظهرِهِ شَبحُ الشرودِ ، وَهو غارقٌ فِي مناغاةِ طيفِهَا الغافي فِي مهدِ فؤادِه :
أميرةَ النَّدى من خطَّ كحلَ عينيكِ ؟
من أَهْدى السِّحرَ لِوجنتيكِ ؟
من تَفنَّنَ فِي صوغِ براءةِ أَناملِكِ ؟
من أَخلدَ الطفولةَ فِي ثغرِكِ ؟
من بعثَ هواكِ إِلى أَحلامِي ؟
... تغفو .. وَتجيبُه ابتسامةٌ يُغردُّهَا بلبلُ خيالِه ، وَتَختبئُ بينَ الحُمرةِ وَالسكونِ ، هواكَ نهرٌ لِبستانِ أَملي ، دلالي وَغروري سيفٌ يهدِّدُ بوحي إِليكَ يا تاجَ الانتظارِ .
غافيةٌ على أَسرَّةِ الدلالِ ، تُغازلُ الجمالَ غَنَجاً ، تغزلُ من الحروفِ لوحةً ، فِيهَا نهرٌ وَشواطئُ نخلٍ تكللُه شُجيراتُ عنبٍ تتدلى عناقيدُه ، وَنورساً تنفثُ فِيهِ أَناملُهَا ، فيُعانقُ خيوطَ البهاءِ مُرفرفاً ، وَيترنمُ النهرُ فِي أُغنيةِ الحياةِ ، تُسرحُ شعرَهَا وَتهمسُ لِروحِهَا :
أَ يصلُ لِلشَّمسِ من أَجلي ؟
أَيستحقُ أَنْ يغطيه شعْرِي النَّديُّ ؟ .
أَصواتٌ ، صيحاتٌ تتقاطعُ ، الضوضاءُ لا يهدأُ ، منحنياً عَلَى عصا الصبرِ ، يدندنُ : أَشعرُ أَنَّ جيشاً يقتربُ ، أُجهّزُ كُلّ ما أَملكُ من صبرٍ وَحكمةٍ وَصمتٍ ، ثم أَجَمَعُ كُلَّ أحلامِي ، بِدمائي وَدموعِي أَكتبُ : أُريدُ منكِ فقط أن تعرفي " أنتِ حُلمي الذي به أحيا " .
أودعَ هذه الحروفَ لِلنورسِ ، كي يُوصلَهَا لِندى الفؤادِ ، الغافية فِي بساتينِ الدلالِ .
تشبَّثَ فِي نهاراتي كسوفٌ لا يعرفُ الأُفولَ . لا أَدري ساعةَ تدحرجي فِي دركاتِ النسيانِ ، وَليسَ لديَّ سواكِ من يُتمُّ قبساً من أَحلامِي . الاجتهادُ المتواصلُ فِي الطريقِ الصحيحِ ، سيهبُ لكِ متعةً ، المتعةُ حينَما يخطُّ يَراعُكِ سلالمَ الارتقاءِ . اللذاذةُ تزخُّ عليكِ نسائمَ الفرحِ وَالسعادةِ عندَ الارتشافِ من الكأْسِ ، الأَجملُ رحلةُ الصيدِ لا الإمساكِ بِالطائرِ . إِنَّ نشوةُ الفوزِ لحظاتٌ ، أَمَّا الدربُ فَأَشواقٌ وَلذَّةٌ طويلٌ أَمدُّهَا ، حلوٌّ ذِكرُهَا ، فاستمتعي الآنَ فِي هذا الدربِ الجميلِ ، تمتعي مع الأَقلامِ العريقةِ ، وَلِيرتقي هدفُكِ نحو سماواتِ الخلودِ ، وَلِتعرفي أَنَّ فؤادِي الكسيرَ سينبضُ مع ابتسامتكِ ، وَعينِي تستظلُّ بِفيءِ نجاحِكِ ، حياتِي ترتدُّ إِليَّ مع هنائكِ ، وَهناكَ أَناديكِ وَأَحملُكِ على أَكتافي وَأَصيحُ هذه أَميرتي .
هاكِ يا حوريةَ الياسمينِ ، من فتًّى تحتَ نخيلِ الرحيلِ يُعزَلُ ، نسجَ هذه الرقعةَ من أَعمقِ أَنفاسِه ، كادَ يموتُ ، لا أَدري بِدماءٍ أَم بفؤادِه كانَ يكتبُ ؟ ، حارَ فِي وَصفِكِ ، فَالزفراتُ خنقتْ ... أَشواقُهُ لرؤياكِ بُركانٌ لا يطفئُه موتٌ ، تَركتُه كومةَ أَنفاسٍ زفيرُهَا وَشهيقُهَا اسمُكِ ، هاكِ وَلا تتردَّدي لو دمعتْ عيناكِ ، هاكِ فَلا أَرجعُ له إِلَّا بِكلمةِ " إِنَّي معكَ " عسى فؤادُه يرتدُ نبضُه .
منتظر السوادي
21 / 1 / 2013
أخي العزيز الأديب الشفيف منتظر
أسعد الله أوقاتك
قطعة من النثر الجميل الزاهي الذي تتعطّر به العين والوجدان معاً
أرى أخي الحبيب أن يُنقل إلى قسم النثر
دمتَ بألف خير
ملحوظة مهمة : هذا النص بقلم المبدع الأستاذ منتظر السوادي ، ولعلي وقعت بخطأ ما أثناء نقله من قسم القصة إلى هنا ، فظهر في الصفحة الرئيسية
أنه بقلمي ... لذلك وجب التنويه ، وأعتذر لأخي منتظر ( مصطفى حمزة )