بقايا ذكريات
نديمُكَ الشَّوقُ لا كأسٌ ولا وتَرُ
و روضُكَ الحُلْمُ لا وردٌ و لا زهَرُ
أمستْ أمانيكَ في أبهى متارفها
غيداً ترشَّفَ ريَّا زهوها الكِبَرُ
كانتْ على العُمْرِ في مُخضَلِّ غرَّتهِ
تزهو فيعذبُ في آلائها السَّهرُ
تختالُ بينَ غواياتِ الهوى مَرَحاً
كأنَّها من بناتِ الوحي تبتدرُ
تدغدغُ الأملَ الغافي فتوقظهُ
لحناً يداعبُ نجوانا فتزدهرُ
و تُسكِرُ الوجدَ في أعماقنا طرباً
فيهتِكُ السِّتْرَ عنْ أشواقنا السَّمَرُ
سوافرٌ كلَّما جنَّتْ بصبوتها
طافتُ بنا لفحاتُ الشَّوقِ تستعرُ
رواقصٌ ما تعرَّتْ عنْ مفاتنها
إلاّ و كان بنا منْ حُسنها أثرُ
أزرى بها الدَّهرُ و استافتْ غوائلهُ
مراتعَ الصَّفوِ فاستشرى بنا الكدَرُ
لمْ يَبقَ منْ أنقِ الماضي سوى طللٍ
نأوي إليهِ ودمعُ العينِ ينهمرُ
أودى بمُؤْتلقِ الذِّكرى و روعتها
إلاّ بقية آمالٍ ستندثِرُ
سينطوي العُمْرُ أحلاماً مجنَّحةً
و يُخمِدُ الشَّوقَ في آماقنا الخوَرُ
يا حاديَ الشَّوق أضناكَ السُّرى فمتى
يُدني الرَّكائبَ منْ أوطارها سَفَرُ
طالتْ لياليكَ وامتدَّ الرَّحيلُ بها
فما انتهى وطرٌ إلاّ ابتدى وطرُ
و أنتَ بينَ متاهات الهوى تعِبٌ
تمشي الهوينا و يعدو خلفكَ القدَرُ
يا حاديَ الشَّوق ما دنياكَ في عُمُرٍ
مثل السَّحابةِ إلا الرَّوعُ و الخطرُ
فاتركْ أمانيكَ قدْ طاحَ الزَّمانُ بها
و اسبقْ لياليكَ , إنَّ العمر ينحسِرُ

عبدالكريم عزّو الحسن
سوريا – حماه – مورك