.:.

مَرَايَا الحَنِين


تَصَوَّر..
أن أتَشَرَّدَ فِي أزِّقَةِ الهَذَيَان
بَاحِثَةً عَن شَيءٍ يُشبِهُك..
كَـ رَائِحَة العِطرِ العَالِقَةِ فِي صَفَحَاتِ الدَّفَاتِر
وَصَبغَةِ الرَّبِيعِ فِي بُوتَقَةِ الأحلامِ خَاصَتِنَا



تَصَوَّر
أنْ أتَرَدَّد عَلَى المَتَاجِر
لأبْحَثَ عَن مَكَانٍ يَعرِضُونَ فِيهِ قَوَارِيرَ الهَوَاء
فَـ فِي غِيَابِكَ تَلزَمُنِي جُرعَاتٌ مُضَاعَفَةٌ وإلا سَـ أختَنِق
وَأنتَ تَعلَم
أنَّ حُمَى الغُربَةِ بَعِيدَاً عَنكَ سَرِيعَاً مَا تَجلِدَنِي
لِتَرمِيَني فِي هَيكَلِ الإنتِظَارِ دُمْيَةً يُحَرِّكُهَا الحَنِين



حَبِيبِي
جُسُورَ اللِِْقَاءِ مَا زَالَت مُمْتَدَّةً بَينِي وَبَيْنِكَ | رُغمَ اهْتِرَائِهَا
مَسَافَاتِ الإغْتِرَابُ بَينَنَا زَئبَقِيَّةٌ تَتَمَدَّد وَلا تَنْحَسِرْ
تَجعَلُنَا كَـ أورَاقِ الخَرِيفْ
نَذْبَلْ
نَتَسَاقَطْ
وَنَطِير إلَى حَيثُ لا نَلْتَقِي
لكِنَّنِي أرَاكَ أمَامِي
تَمَامَاً كَـ نَجْمَةٍ بَعِيدَة
لا أرَى مِنْهَا إلا وَمِيضٌ لا يَنْطَفِئ
وَمِيضٌ لا أرَاهُ إلا مُغْمَضَةُ العَيْنَينِ
لِذَا..
أخطِفُ مِنَ اللَيْلِ ضَفِيرَةُ أربِطُهَا حَولَ جَبِينِي
وأمُدُّ يَدَايَ نَحوَكَ مُسَافِرَةً..
أيَّهَا المُسَافِر..
انِّي أرى قِطَارَكَ قَد رَحَلْ
أجَلْ
قَد شَقَّ طَرِيقَاً نَحوَ الأفُقِ سَالِكَاً عُمقَ البَحَرْ
ثَمَّةَ تَمَوِّجَاتٍ مُتَبَقِيَة
أرَاهَا تَختَفِي شَيئَاً فَشَيئَاً
وَأنَا تَمَامَاً مِثلَهَا
أتَلاشَى
كَزَبَدِ بَحْرٍ يَدْفَعُهُ الجُنُونُ نَحوَ الهَوَامِشْ
فَيَلْفُظ أنْفَاسَهُ الأخِيرَة
لِـ يَتَكَسَّر قُربَ صُخُورِ الهَلَع
وَيَتَبَخَّر فَيَصعَد مُتَسَلِّقَاً أرْدَانَ السَّحَاب
بِلا مَصِيرٍ | بِلا قَرَارْ

..


تَصَوَّرْ
قَصَائِدِي كُلُّهَا أجْهَضَت فِي غِيَابِكْ
وَأبجَدِيَّتِي أصَابَهَا عَقَمٌ عَسِير
أحْلامِي مُؤَجَّلَة
وَقَلبِي قَد انْشَطَرَ نِصفَين
النِّصْفُ الأوَّلُ يَنتَظِرُكْ
وَالآخَر لا يَنتَظِرُ سِوَاك


7 أيَّار 2008 / حَيفَا


.:.