على فراش الموت عُبَابَ البَحْرِ مالكَ يا عُبَابُ
أما في العُمْرِ آوانٌ لسَعْدٍ تُجَمِّشُنا و يلتَئِم الصِحاب
أم الأيامُ لا تَرْضى لنَفْسي سوى أنْ يَعْتَرِي نفسي العَذابُ
تَعَاظَلَت الهمومُ على فؤادي كَأَنْ ما مَرَّ في العُمْرِ الشَبَابُ
كَأَنَّ رَبيعَ أيامي تَنَاءى و ذا نَابُ الخريفِ عَلاهُ نابُ
جَمَعْتُ مِنَ القفارِ البيدِ سَهْلاً و دانَتْ لي مِنَ الشِعْرِ الرِقابُ
فَمَا شِعْرٌ يَطَالُ سماءَ شِعْري ولا بَيني ورِفْعَتِه حِجَابُ
أَرُوْمُ بُحورَهُ فَتَبيتُ عِندي وغَيري ضَمَّ أحْرُفَهُ اليُبَابُ
بَتُولُ قَوافي الأشْعارِ كَلْمِي و مِنْ حَرْفيَّ قَدْ نُهِلَ الشرابُ
وإنِّي في القَريضِ حَكيم قَومٍ و إنْ حَمِيَ الوطِيسُ أنا المُهابُ
محالٌ لا أكونُ أميرَ شِعْرٍ وغَيري للثَرى وأنا السَحابُ
هُمُ البومُ الدَمِيمُ المُسْتَباحُ و إنِّي في عُلا الأفُقِ العِقابُ
أَفيء على الحِسانِ الحُورِ هَطْلاً وأرْجِعُ دَثَّر القَلبَ انْتِحابُ
حياتي قِصةٌ بَدأتْ بِحُبٍ سَأَرْويها فَقَدْ جَارَ المُصابُ
لعلَّي أسْتَريحُ بِبَوحِ قلبي فَقَدْ أُثْخِنْتُ و اقْتَرَبَ الحِسابُ
ففيها حِكمَةٌ وبها اتعاظٌ و ما يُغْنيكَ عَنْ ظَمَأ سَرابُ
مَرَرْتُ على الرياضِ أروم قَطْفاً وحُلْو الزهرِ تَرويه العِذابُ
قُطِفْتُ و ما قَطَفْتُ وسَرَّ نفسي وغُلِّقَ في كِلا القلبَين بابُ
هَواهَا بَاتَ في قلبي وريدي وحبي في لواعِجِها مُذابُ
إِذَا قَامَتْ كما ظَبْيٍ تَثَنى وإِنْ جَلَسَتْ تُهَدْهِدُهَا الكِعابُ
و إِنْ نَطَقَتْ تُحَدِّثُكَ البَيانَا ولو صَمَتَتْ يُحَدَّثُها النِقابُ
ثَمِلْتُ ولَيْسَ تُثْمِلني الشُمُولُ وكأسَ الصبِّ تُثْمِلُهُ الرِضَابُ
أخوضُ لأجْلِ عَيْنَيْها حُروباً و أَقْبَلُ ما تُديرُ لِي الحِرابُ
و قَدْ خُضْتُ البِحارَ بلا شِراعٍ وعَصْفُ رِياحِها وَهجٌ غِضابُ
فلا أنا بالمبالي حين أَفنى و إِنْ عُقِدَتْ على إِثْري السِلابُ
تَعَاهَدْنا و شاهِدُنا هوانا وأقْسَمنا وكاتِبُنا الصَوابُ
وَرَسَّخْنا الهوى في خَافِقينا جِبالاً لا تُزَحْزِحُها الهِِضَابُ
ذوائِبُنا مِنَ الشَهْدِ المُصفى وأَغْصَانُ الهوى خُضْرٌ خِضَابُ
نُنِيْخُ على الأدِيمِ نَسيمَ زُهدٍ تَمُوجُ لِحُسْنِ طَلْعَتِهِ الرِكَابُ
تَسَامَرْنا على طَيْفٍ تَجَلَّى و أوتارُ القلوبِ له الرَبَابُ
وَعِشْنا في رَغِيْدِ النورِ وَصْلاً تُرَدِّدُه المآذِنُ والقِبابُ
ولكِنْ شَاءَتِ الأقدارُ بعداً وشَابَ الشهدَ في الأكوابِ صابُ
فَكَيْفَ تَغَيْرَتْ تِلكَ السَجايا وأُبْدِلَ طائرَ الحُسنى غُرابُ
تـنـاءَيْـنـا وبَعْضٌ مِنْ كِلينا لَهُ بالآخَرِ المُضْنى جَوابُ
ومَا عَابَ المُحِبَ الفَقْرُ يَوماً ولكِنْ فَقْر أخلاقٍ يُعابُ
لَقَدْ أَضْرَمْتِ ناراً في الثنايا لها في الروحِ ألسِنَةٌ لِهابُ
تَشُبُّ كَأنْ ذِكراها وقودٌ و مِنَ دَمعات عَيْنيَّ احْتِطابُ
وَدَاعاً يا مُحَيّّاها وداعاً فَقَدْ رَحَلَتْ وَقَدْ لاتَ الغِيابُ
وها أنا في فِراشِ الموتِ أَفْنى وَلَيْسَ يَردُّ سَطْوَتَهُ اقتَرابُ



رد مع اقتباس

