نيسانُ أَمْ جَسَدُ الشَّهيدِ الأَطْهَرُ
مِنْ أَيْنَ يَهْمِي الْمِسْكُ يَهْمِي الأَذْفَرُ
مِنْ أَيْنَ يَأْتِي الْحُسْنُ فِي الصُّوَرِ الَّتِي
تَجْلُو الشَّهيدَ بِحُسْنِهِ يَتَفَجَّرُ
مَنْ جَمَّلَ التَّصْويرَ فِي عَيْنِ الْوَرى
جَعَلَ الشَّهادَةَ بِالْمَحاسِنِ تَزْخَرُ
يا مُسْرِجًا صَهْوَ الْعُلا بِدِمائِهِ
أَنْعِمْ بِصَهْوٍ بِالدِّماءِ يُنَوِّرُ
شَتَّانَ بَيْنَكَ بِالدِّماءِ مُضَرَّجًا
وَعَلَى الْمَباسِمِ ضَحْكَةٌ لا تُنْكَرُ
وَزَعامَةٍ قَصَمَ الْهَوانُ ظُهورَها
فَغَدَتْ لَدى بَسَماتِها تُسْتَنْكَرُ
ما كانَ لِلْخِصْيانِ أَنْ يَسْتَعْذِبوا
غَيْرَ الْمَذَلَّةِ وَالْخُضوعِ وَيَنْصُروا
وَاسْتَمْرَأُوا عَيْشَ الْعَبيدِ وَحالَهُمْ
وَتَدافَعُوا مِثْلَ الْعُجولِ فَأُحْظِروا
عَبْدَ الْعَزيزِ وَلا رِثاءَ لِسَيِّدٍ
نالَ الشَّهادَةَ وَارْتَقى يَسْتَبْشِرُ
بِلِقاءِ خَيْرِ السَّابِقينَ مُحَمَّدٍ
فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ نِعْمَ الْمَحْضَرُ
يا أَخْطَبَ الْبُلَغاءِ حينَ تَكَلَّمَتْ
مِنْكَ الدِّماءُ فَصاحَةً تَتَقَطَّرُ
يا أَبْلَغَ الْخُطَباءِ حينَ تَفَرَّجَتْ
مِنْكَ الشِّفاهُ عَنِ الْبَلاغَةِ تَسْحَرُ
قَدْ عِشْتَ عُمْرَكَ فِي الْحَياةِ مُجاهِدًا
تَرْمِي الْعَدُوَّ تُصيبُهُ وَتُكَبِّرُ
تَرْميهِ بِالآسادِ دُونَ تَهَيُّبٍ
وَتُذيقُهُ الْمَوْتَ الزُّؤَامَ وَتُكْثِرُ
وَسَخِرْتَ مِنْ كَيْدٍ يُدَبَّرُ فِي الْخَفا
مُسْتَعْصِمًا بِاللهِ وَهْوَ يُقَدِّرُ
عِزَّ الْحَياةِ مَعَ الْمَماتِ جَمَعْتَهُ
لَمْ تُغْرِكَ الدُّنْيا ، وَتاهَ مُغَرَّرُ
أَلْقَيْتَها وَوَطِئْتَ كُلَّ خِداعِها
وَتَبَرَّجَتْ ظَنًّا بِصَدْرِكَ تُزْهِرُ
وَرَكَلْتَها وَصَرَخْتَ فِي سَمْعِ الدُّنَى
إِنَّ الْجِنانَ عَلَى الدَّنِيَّةِ تُؤْثَرُ
وَاخْتارَكَ الْمَوْلَى لِسُكْنَى جَنَّةٍ
نِعْمَ الْجَزاءُ وَعِنْدَ رَبِّكَ أَكْثَرُ
وَأَجابَ سُؤْلَكَ إِذْ سَأَلْتَ شَهادَةً
فَإِذا الأَباتْشي فِي الْفَضاءِ تُزَمْجِرُ
وَرَمَتْكَ بِالصَّاروخِ دُونَ تَأَخُّرٍ
وَكَما دَعَوْتَ الله كانَ الْمَنْظَرُ
فَدِماكَ لِلْمَجْدِ التَّليدِ مِدادُهُ
وَبِمِثْلِكَ النَّصْرُ الْعَزيزُ يُسَطَّرُ