نَبَأٌ أَزالَ عَنِ الْفُؤادِ رُقُودَا
وَأَمَدَّ كَوْكَبَةَ الْجِهادِ وَقُودَا
يا راحِلاً لله يُسْرِعُ خَطْوَهُ
ما كُنْتَ فِي دَرْبِ الْحَياةِ قَعيدَا
يا أَحْمَدَ الْياسينِ حَسْبُكَ رِفْعَةً
قَدْ نِلْتَ ما تَرْجو وَرُحْتَ حَميدَا
كُنَّا نُؤَمِّلُ أَنْ تَعودَ كَسابِقٍ
وَاخْتارَ رَبِّي أَنْ تَعودَ شَهيدَا
كُنَّا نُؤَمِّلُ أَنْ تُتابِعَ سِيرَةً
تَجْلو عَنِ الأَلْبابِ ما قَدْ شِيدَا
وَالْمَرْءُ يَأْمُلُ وَالْقَضاءُ صَحائِفٌ
فيها الْحَقائِقُ جُرِّدَتْ تَجْريدَا
وَرَمَوْكَ بِالصَّاروخِ مِنْ أَحْقادِهِمْ
يا ساجِدَ الْفَجْرِ الْبَهِيِّ وُرودَا
فَتَناثَرَ الْجَسَدُ الطَّهُورُ عَلَى الثَّرى
وَالرُّوحُ تَمْرَحُ فِي الْجِنانِ خُلُودَا
اَلْعَيْنُ تَدْمَعُ وَالْفُؤادُ بِحُزْنِهِ
وَأَرَى الْعَزاءَ كَتائِبًا وَحُشودَا
شَيْخَ الْكَتائِبِ شَيْخَ كُلِّ مُجاهِدٍ
وَهَبَ الْفُؤادَ لِقُدْسِنا وَجُهودَا
قَدْ فُزْتَ بِالرِّضْوانِ فَادْخُلْ باسِمًا
وَاقْرِ السَّلامَ نَبِيَّنا الْمَحْمودَا
يا أَيُّها النِّبْراسُ فِي دَرْبِ الْهُدَى
سَتَظَلُّ ما خَلُقَ الزَّمانُ جَديدَا
وَتُضيءُ أَفْئِدَةً يُعانِقُها الْفِدَا
وَتَغيظُ أَفْئِدَةً تَفيضُ صَديدَا
يا مُرْشِدًا تَخِذَ الْمَعالِي مَقْعَدًا
وَسِواكَ أَرْكَسَهُ الْهَوانُ قُعُودَا
زُعَماءُ بَبْغاواتُ أَكْبَرُ هَمِّها
تُرْضِي الْغُزاةَ مَذَلَّةً وَعَبيدَا
تُرْضِي الْغُزاةَ بِقَهْرِ أُمَّةِ أَحْمَدٍ
وَتُطيلُ راغِمَةَ الأُنوفِ سُجُودَا
فَحِذاكَ أَطْهَرُ مِنْ جَميعِ رُؤُوسِها
وَأَعَزُّ مِنْها مَوْقِفًا وَوُجودَا
فِي جَنْبِ عَرْشِكَ لا تَقومُ عُروشُها
فَهْيَ الْهَباءُ وَإِنْ عَلا مَوْجودَا
وَثَباتُ عَرْشِكَ فِي الزَّمانِ مُخَلَّدٌ
يَكْفيهِ فَخْرًا أَنْ حَواكَ عُقودَا
يا أَيُّها الْبَطَلُ الَّذي بِرَحيلِهِ
زادَ الْحُضورَ عَلَى الْمَدى تَجْديدَا
كُرْسِيُّكَ الْمَشْطورُ يَبْكي ناحِبًا
ما اعْتادَ فِي الْجَسَدِ الرَّحيلَ بَعيدَا
قَدْ كانَ ما نادى الْمُؤَذِّنُ حاضِرًا
وَالْيَوْمَ خَلَّفَهُ الْفِراقُ وَحيدَا
يَبْكي أَليفًا لَنْ يَعودَ وَفارِسًا
بَزَّ الْفَوارِسَ وَاسْتَزادَ فَزِيدَا
قَدْ كانَ بَيْنَ الأُسْدِ أَوَّلَ زاحِفٍ
وَالأُسْدُ لا تَخْشى الزَّمانَ قُرُودَا
يا قائِدَ الْغُرِّ الْبَواسِلِ شامِخًا
أَنْعِمْ وَأَكْرِمْ قائِدًا وَجُنودَا
أَنا لَسْتُ أَرْثِي الشَّيْخَ فِي اسْتِشْهادِهِ
لَيْسَ الرِّثاءُ لأَحْمَدٍ مَحْمودَا
فَالْحَيٌُّ لا يُرْثى ، فَلَيْسَ بِمَيِّتٍ
فَدَعُوا الرِّثاءَ وَمَجِّدُوا تَمْجيدَا
وَارْثُوا لأَمْواتِ الْحَياةِ فَإِنَّهُمْ
قَدْ أُوْدِعُوا فَوْقَ الْحَياةِ لُحُودَا