حين يصرخ الجرحُ على تخوم القهر ، و حين ينتفض الصبر من بين ركام الألم ويشتعل فتيله في أروقة الضلوع ... حينها تقوم قيامة الشعر
وتـُمـْطر أبابيل اليراعة أبرهة العصـر ودهاقنته بسجـّيل القوافي

هذه قصيدة نظمتـُها على لسان هذا الطفل الشهيد من ضحايا مجازر ( داريا ) :



طفـلٌ مـن الأنقـاض فـي الـغــارات
يستصرخ التاريـخَ : أيـن قُضاتـي؟
مـاذا اقترفْـتُ لكـي أصـيـرَ ضحـيـةَ
وأنا ابنُ خَمــــسٍ هـنَّ كـلُّ حياتـي ؟
فـلـقــد قُـتِـلــتُ بـعـالَــمٍ أســيـــادُهُ
زعَمــــوا التحضُّـرَ، أنكَـروا مأسـاتـي
الصمـتُ جُـرْمٌ إنْ أتَـى مِـن قــادرٍ
أنْ يُـوقِــفَ الإجـــرامَ بالكـلـــمـات
ترعَـى الذئـابُ مـع الكـلاب تآلُـفًـا
ولـهــا ادّعــاءُ عــــداوة الــثــارات !
الذئـب يفـتـك والـكـلابُ شريـكـةٌ
والكـلُّ يولِـغُ فــي دِمــا الظَّبْـيـات
ربـــاه أمـــي مـــا عـلِـمـتُ بحـالـهـا
أتُـرَى الحنونـةُ أُبْلِـغـتْ بوفاتـي؟
لا تُـخْـبـروا أمـــي فـــإن فــؤادَهــا
يكفـيـه مــا لاقَــى مـــن الطـعَـنـات
قتـل الطغـاة أخـي وأختـي جنبَـه
فَهَـمَـتْ عليـهـم مُـحْـرَقَ الـعَـبَـرات
حتـى تحجّـرتِ المآقـي واكـتَـوَى
كـبــدٌ لــهــا والْــتــاعَ بـالـحَـسَـرات
أمـــاه لا تـبـكــي فــــإن لــنــا لِــقــا
في دار عَدْنٍ ... نِعـمَ مـن مِيقـات!
إن الـتـصـبُّــرَ سَـــلْـــوةٌ وفـضـيــلــةٌ
أنعِـمْ بِـزاد الصبـر فــي الـرَّوْعـات!
مــا مِــتُّ يــا أمـــي وإنـــي خـالــدٌ
ولكُـم سأشـفـع يــومَ حـشْـر رُفـاتـي
ولقد قَضيـتُ وكنـتُ ألْهُـو بالدُّمَـى
وسمعتُ قبل الموت في الرَّدَهــات
صوتًـا لأختـي تحـت حائـط بيتـنـا
بـيـن الـركـام تُـنـاشـدُ الـنَّـجْــــدات
ولمحـتُ جــدي قــد تعـفَّـرَ وجـهُـه
ومُــقَــطَّـــع الأوداج والــفــقـــرات
ورأيــــتُ مِـسْـبَـحـةً وعُــكّــازاً لـــــه
ودمًـا عـلـيهـا عـاطِــرَ الـنَّـفَـحـات
وسمـعـتُ أنّـــاتٍ أظـــنُّ لـجـدتـي
وبُعـيـدها ... لم أسمـع الأنّـــــات
ورأيــتُ قـطـةَ صاحـبـي مسحـوقـةً
كانت تَجول, وبئس مـن جَـولات !
صوتي تَحَشْرَجَ ما استطاع سماعَه
مَن كنـتُ أنْشِـدُه كطـوق نَجاتـي
فبقيـتُ أنـزفُ والظَّمـا لـيْ خـانِـقٌ
حتى شمَختُ إلى السما بمماتـي