في سكون الليل أفترش الأرق .. يدثرني غطاء الكآبة , يحجب عني برد السكينة , و نور الاطمئنان
, يبعثر الديجور حزني و فرحي .. يعتقل مشاعري
يخبئ أحاسيسي خلف ملاءته المزينة باللاشعور , فيقترب سقف غرفتي من رأسي , و تضمني الجدران .
أتداخل في جلدي ... أتشرب أنفاسي , أنادم ظلي الباكي على الحائط . تستيقظ ذكرياتي .. تصحو كل أوزاقي , يتشاجر ضحكي و بكائي مثل قرار و جواب .
يتكشف وجهي ... تفضحني ملامحه .. تروي عيناي الغائرتان حكايتي .
أهرب من نفسي .. أتخير ركنا من أركان الوهم السبعة , أتقاسم أنخاب الجفاء مع النوم , أرتشف كأس الفراغ فأرتوي ضجراً حى الثمالة ... لتبدأ مراسم هذياني , و تمارس أناملي الرقص مع أزرار لوحة المفاتيح ... فأسمع الصمت يتكلم !!!!




يؤرقني ضجيج الوقت !! .. (تك .. تاك .. تك .. تاك ) , كل ثانية تمر فوق جرح فتوقظه ... و كأن حديث عقارب الساعة كله عن ألمي , عن وحدتي و غربة روحي , عن مرارة أخفيتها في الضلوع , و ذكريات دفنتها في تربة النسيان .
أرى سنوات عمري تتساقط مثل حبات المطر , تسابق الثواني في جريها نحو إكمال الدقيقة الرابعة و الثلاثين , لتبدأ مسيرة التيه بنفس الإيقاع الرتيب
, مسايرة نبضات قلبي المتثاقلة , لتغرق في دوامة اللاشيء ... و تحترق في جحيم الانتظار .

و تدق الساعة الثانية عشرة أجراس رحيل جزء مني , نعم ... فأنا بضعة أيام



تغتابني الريح .. تفضح كل أسراري , تنقلها إلى الأشجار و الأبنية الساهرة , أحس بأن مصدرها زفرات صدري , وبأن صفيرها الحزين أنين روحي , عواصفها ثورات شوقي , جنونها نداء حنيني
أحس بأن فمي فوهة بين جبلين من هم .. أنفاسي المتعبة نواح مدينة ثكلى , و حشرجات قلبي صلوات خائفين .



و يستمر هذياني مع ضجيج الصمت , أتعانق مع ظل القمر على ستائر النسيان , أشكو له فيبكي لي , أجدل من أنواره الحزينة حبل صبر , لأعلقه في سقف الليل المتماوج , أتسلقه فيتداعى كآخر النسمات الليلية , لأتفتت نغمات موسيقى ... أتسلل للأعلى عطراً و أذوب كشمعة , أتحول قبل طلوع الفجر
إلى زمن تتنقل فيه نجوم الليل , تتجول دقات الساعة ... تغني الريح فأتبدد
و تشع الشمس فأتلاشى كالخيط الأسود ,