كحبات النرد، قذف إليه صاحبه بــ( البزمات ) على مكتبه قائلا:

_ لا تنسَ المقابلةَ اليوم ، الساعة السادسة مساء ، وكما أخبرتك : عليك أن تكون بكامل أناقتك ! أريدُ أن تنال إعجابهم.

_ أوراقي..خبرتي..ألا يكفيان ؟!!

_ بلى...ولكن...

_ لا تقلق...سأكون كما تحب..

وابتسم له وهو يلتفت خارجا...وحبات النرد لم تزل على مكتبه:
تناولها بقبضته ونهض .

******

وقف يتأمل بدلته الجديدة المعلقة على المشبك...منذ فترة تجتاحه قناعة وزهد في الدنيا: لا رغبة لديه أن يلبس الغالي ولا أن يتشح الألوان . هذا الزهد جعل قميصه الأزرق و بنطاله الكحلي متوهجين دوما في عينيه ولكنهم سئموا لونه السماوي.

تناول القميص من المشبك والبنطال و السترة تأمل اسم الماركة.

_ بكامل أناقتي.

زم كم القميص بالبزمات التي قدمها له صاحبه

_ بكامل أناقتي..

لبس التمساح في قدميه ونظر للمرآة متأملا كيف رسمه ذلك الزي الأنيق..
تناول ملفه الذي يحتوي أوراقه و خلاصة خبرته وانطلق..

_ بكامل أناقتي..

******

يذرع الممر المؤدي لاجتماع لجنة المقابلة...ينتظر دوره في الدخول ..

سينال هذه الترقية....نعم هو يستحقها..هكذا حدث نفسه وهو يذكر سنوات الدراسة و جهد العمل..

فُتِح الباب

_ تفضل يا أستاذ..

_ شكرا لك

وضع حقيبته على الطاولة متخذا المقعد الوحيد الفارغ حضنا يحتوي قلقه
تأمل وجوههم..ونظرات عيونهم المحدقة في تفاصيله..

_ هل ينتعلون التماسيح أيضا يا تُرى..؟

ابتسم للفكرة التي خطرت في باله...فبادله المجتمعون حوله الابتسامة..
ويجيبهم بكل ثقة..

تناول الملف من حقيبته ..

نهض
نزع الجاكيت وعلقه على ظهر الكرسي

نظر إليهم مبتسما

_ المكان هنا دافىء !

فتح الملف..وزّع أوراقه على الأيدي التي تتناوش حظه..مستقبله

يستطيع الحديث بحرية أكثر لو فتح ربطة العنق التي تعدُّ أنفاسه

رمى بها على ظهر الجاكيت

_ وهذه البزمات..تخنق دمي

رمى بها على الطاولة

فتح زرار القميص الأول

إنه الآن يترك الهواء يتوغل عميقا في صدره

تبدو أكتافه عالية..وهو يشير إلى بعض الأوراق التي ترسم مشاريعه وأفكاره
.
.
وانتهى أخيرا

لملم أوراقه..انتزع عن ظهر الكرسي أحماله...نظر في وجوههم...ونظرات الإعجاب و الثقة بادية على ملامحهم

_ مبروك يا أستاذ...نتمنى أن تكون عند حسن الظن بك..

*******

وصل إلى بيته

علق الجاكيت على المشبك

حوله وضع ربطة العنق

نزع التمساح ووضعه أسفل المشبك

ضرب الأرض بقدمه ضاحكا و رفع يده


- تعظيم سلام يا باشا !




_____________


ياسمين عبدالله