أوجهك أم الفصول

أَوَجْهُكِ أمْ بدْرٌ مَنَازلُهُ اللُّطْفُ
سَنَاءً تَجَلَّى للرُّؤَى مَا لَهُ وَصْفُ
أَرَاهُ بَرِيْقَاً يُشْعِلُ اللَّحْظَ وَهْجُهُ
وَعَيْنِيَ مِشْكَاةٌ لأَنْوَارِهِ وَقْفُ
فَلَمْ أَدْرِ أَنَّيْ كُنْتُ قَبْلَكِ شَاعِرَاً
عَزِيزٌ عَلَيْهِ الشِّعْرُ يَأْسُرُهُ الحَرْفُ
فَأطلقَ ذَاكَ الأَسْرُ مِنْهُ صَبَابَةً
فَهَامَتْ بِكِ الوَسْنَى وَرَاقَ لهَا الوصْفُ
تَرَاكِ رَبِيْعَاً يانعَ الفُلِّ وَجْنَةً
وَ للشَّوقِ أُخْرَى زَهْرَةٌ ضَمَّهَا العَصْفُ
فَلَاحَتْ بِهَا مِنْ لَثْمَةِ الشَّمْسِ حُمْرَةٌ
يفوحُ الشَّذَا مِنْهَا وَقَطْرُ النَّدَى يَصْفُو
كَأَنِّي بِهِ لَمَّا تَلألأ بَعْضُهُ
بُدُوْرَاً تَدَلَّتْ وَالنَّجُوْم لَهَا رِدْفُ
فَأسْفَرَ عَنْ صَيْفٍ فَتِلَكَ ظِلالهُ
تَدِلُّ بِحَوْرَاءٍ بأَهْدَابِهَا وَطْفُ
تَرَى الرِّمْشَ لَمَّا أغْمَضَ الجَفْنَ طَرْفُهَا
كَغُصْنٍ رَقيْقِ العُوْدِ يُثْقِلهُ القَطْفُ
عَلَى شَاطئِ الأحْدَاقِ نَامَتْ نَوَارسٌ
وَ أَمْوَاجُهُ رَاقَتْ بألْحَاظِهَا تَغْفُو
عَجبْتُ إِذَا رَقَّ الزَّفيْرُ بأَنْفِهِ
تَهُفُّ لَهُ رِيْحُ الخَرِيْف فَمَا تَجْفُو
رَقِيْقٌ و أقْنَى مَا رَأَيْتُ كَحُسْنِهِ
سِوَاهُ فَللهِ الْجَمَالُ وَ مَا يَقْفُو
تَمَلَّكَنِيْ مِنْ دُوْنِهِ الثَّغْرُ بَاسِمَاً
بِهِ الشَّفَةُ اللَّمْيَا لسُمْرَتِهَا أَهْفُو
فَلَمَّا بَدَتْ بِيْضُ الثَّنَايا فَأومَضَتْ
تَأَلَّقَ بَرْقٌ بالشِّتَاءِ لَهَ قَصْفُ
وَأَرْعَدَ شَلَّالُ الضَفَائِرِ لَيْلَهُ
فَلَاحَتْ غُيُوثٌ وَالفُؤَادُ لَهَا يَهْفُو
فَمَا إِنْ رَأَيْتُ الجِيْدَ تَثْلُجُ مُزْنُهُ
أَوَيْتُ إلَى رُكْنٍ لِرُوُحي بِهِ كَهْفُ