إذا الشعرُ غنّى بهِ باقِلُ
ومالَ طَرُوباً لهُ جاهلُ
فلا قالتِ العُرْبُ أشعارَها
ولا طارَ يوماً بهِ زاجِلُ
ولا ناحَ وِرْقٌ على دَوحُهِ
ولا ذابَ من شوقهِ راحلُ
بحورُ القصيدِ إذا اتخِمتْ
بِزُورٍ فماءُ الصَّفا حائلُ
وبحرُ الطويلِ إذا ناشَهُ
دَعِيٌ فما بَعدهُ طائلُ
كذا وافرُ البحرِ أقللْ بِهِ
إذا خاضهُ عابثاً جاهلُ
كذاكَ البسيطُ إذا مسَّهُ
غثيثٌ وعقَّدهُ خاملُ
إذا قاصرُ الفهمِ أوفَى على
مديدٍ يضيقُ بهِ ساحلُ
إذا ما أتى كاملاً ناقصٌ
فلا ناقصٌ بعدَهُ كاملُ
ولا هَزْجَ يغشاهُ ذو لَكنةٍ
ولا في مُضَارعهِ فاعلُ
ولا الرَّجزُ رَجْزٌ إذا لَاكهُ
ركيكُ المعاني بها جاهلُ
ومجتثُّهُ جُثُ من أصلهِ
بمَنْ شعرُهُ للحيا قاتلُ
ولا قاربَ الشعرَ مُتْقَارِبٌ
إذا حامَ في ساحِهِ فاشلُ
وإن رَمَلُ الشعرِ أودى به
نشازُ المزاجِ فلا راملُ
خفيفُ البحورِ إذا مرَّهُ
ثقيلٌ ينوءُ بِهِ كاهِلُ
وبحرُ السريعِ إذا أَخْزُعٌ
أتاهُ فقدْ جاءَهُ عَاضِلُ
وإنْ أرعنٌ رامَ مُدَّارَكاً
فلا سابقٌ سيفَهُ عاذِلُ
ومُنْسَرحُ الشعرِ معْ أشأَمٍ
يخالطُ حابَلهُ النَّابِلُ
ومقتضبُ الشعرِ يُزرِي بِهِ
إذا نَيْرَبٌ لِلْخَنَا قائِلُ
وخصبُ المعاني إذا حَلَّهُ
سقيمٌ زمانُ النَّدَى مَاحِلُ
وعلمُ البديعِ إذا زارَهُ
زنيمٌ فروضُ الرُّبَى قاحلُ
ألا ليتَ للشعرِ أَقْفَالَهُ
وباباً يَجُوزُ بهِ العاقلُ
ويا ليتَ للشعر ذا قاضياً
وليتَ الدَّعيَّ لهُ ماثلُ
إذا لمْ يَكُنْ للقصيدِ حمىً
وعن حَوضِهِ يُدْفَعُ الصَّائِلُ
فيا شعرُ مُتْ إنّما موتُكمْ
بهِ عن دروبِ الرَّدَى شَاغِلُ


أخوكم
مبارك إبراهيم العجلاني