قال أحد الشعراء انقدوني وها أنا أفعل:
شعر أصحابنا نوعان شعر بوح وشعر صنعة ومستحيل أن يكون أفضل شاعر فيهم من شعراء البوح الا إذا كان شعراء الصنعة ليسوا بشيء وهذا شيء عجيب لأن شعر الصنعة يتميز بالصدق الفني وشعر البوح يتميز بالصدق العاطفي فكيف يتقوق الادعاء على الحقيقة؟
المشكلة أن الشعراء لايعرفون الشعر الا بقدر تجربتهم فقط مما استطاعوا تفسيره ومنه ادعاء شاعرنا هذا بأن الشعر هو المجاز وأعتقد أنه يقصد الاستعارة .
إن الولع بالاستعارة في هذا الزمان يشبه الولع بالجناس قديما .
هذه فتنة أصابت بعض الشعراء والكتاب بل قد يكون أيضا بعض العلماء لأنهم قالوا ان الاستعارة هي ملكة علم البيان والحقيقة هي ان ملك علم البيان هو التشبيه التمثيلي منذ الجاهلية .
والنثر النسائي دليل على ما أقوله وعندنا في الواحة نساء يكتبن نثرا منهن من يصدق عليها هذا الكلام الولع بالاستعارة ..
لو دققنا وتغلغلنا في قصيدة صاحبنا هذه فإننا سنجد ثغرات فنية كثيرة جدا أهمها أننا لانكاد نصل الى المعنى بسبب الاستعارات وأقصد تكلف الاستعارة لقد تسرب التكلف الى شعر صاحبنا هذا فظهر أن الاستعارة طلبت المعنى ولو كانت صنعته جيدة لظهر الأمر وكأن المعنى طلب الاستعارة .
الشعر ليس هو المجاز الشعر هو الشاعرية التي تأتي بالمجاز وتكلف المجاز يضر بالإفهام فلا يفهم القارئ ماقال الشاعر وربي شعر مثل هذا أنك تسيء الى نفسك إذا قرأته لأنه غير مفهوم لاتعرف ماذا قال لقد قال استعارة فقط .
لكن اقرأ لشعراء البوح مثل شاهر الحربي وربي شعره أفضل ألف مرة من شعر الاستعارات هذا خاصة إذا توقدت عاطفة شاهر تلمس كلمات القصيدة فتشعر بحرارة زفير الكلمات .
شاهر شاعر مطبوع والطبع يغلب الصنعة إذا لم تكن الصنعة جودتها عالية جدا .