غيابةَ الجُبِّ ! هل سيّـارةٌ ونَبا
أم أنّ واردَهم إذ أرسلوه أبى ؟

ما كنتُ يعقوبَ والأنفاسُ يوسفُـهُ
أنا امتزاجُهما حين الضياءُ خبا

نبذتُ ظِــلّي .. وجرّدتُ الشّغافَ لهُ
بالصبرِ جُمّلتُ كي لا أُجمِلَ الطلَبا

شرّعتُ للنور شبّـاكين من شغَفٍ
أيُحجبُ النورُ أم طرفي الذي احتجبَا

وهجًا سريتُ ولم يمسسْ خُطايَ لظًى
وساريان معي.. الشوق والغُربا

لأنّ أحمــــدَ أهدته العلى سببًا
عليهِ صلّيتُ .. ترجو غايتي السببا

الآن أطوي فضاءً دون أجنحةٍ
الآن دون يــــراعٍ أمــلأُ الكتُبـا

وطُفتُ.. أستنبئ الغيماتِ عن مطرٍ
العاشقــــون تهادَوْا تحتــــهُ قِــرَبـا

تقول لي غيمةٌ صِرفٌ معتّقةٌ
بالعطرِ : شوقي لمن ظللتُـهُ دَأَبا

دنوتُ منه ببُصرى.. كِدتُ أرشفهُ
وليس يظمأُ مَـنْ مِـنْ طُهرهِ شَـرِبا

للكون شهقةُ ملهوفٍ لمولده
فليس من عجبٍ أن تطفئ اللهبا

كان المخاض وفي أحشاء آمنةٍ
نورٌ تململَ حتى روّع الحجُبا

في البدو وهجٌ.. هنا طفلٌ.. ملائكةٌ
قلبٌ تغسّلَ نورًا.. لم يزلْ رَطِـبا

وتلك رعشتهُ الأولى ومــــا سكَنتْ
حتى انتهتْ في حراءٍ .. رجـْفةً رهَـبـا

أكان مُنفردًا والحيرةُ احتشدتْ
مَـنْ؟ كيف.. ماذا وهل كان الوجودُ هَبا؟

فاقرأ كتابين والآيات ماثلةٌ
في الكون واللوح.. قد سوّى وقد كَتبا

يا من تدثـّر: قـُمْ! ها عند بابك تا ..(م)
ريــخٌ وملحمــةٌ تستنهضُ الحِقــَبا

رأى الصعابَ جنىً والمُـرّ قشرتَها
فاستخرج اللبّ منها سكّرًا قصَبا

فـنُّ التفاوض في : "يا عمّ لو وضعوا"
.. فـنّ التشبّث : فيها نعشقُ التـّعبـا!

يا منْ له البيدُ ظمأى .. هل تيمّم أمْ
توضّأ الرملُ في كــفّيه واختضَبا!

هذا اليتيم أبًــا.. أمّــــا يدِفّـئني
ببـُرْدَةٍ من حُنوٍّ.. كي أكونَ أبا

الحاشرُ العاقب الماحي يفيضُ ندًى
وكلّ ما حازهُ: بعض الذي وَهَبــا!

محمداً يا ائتلاق الطين في قبسٍ
سموْتَ أبلجَ .. صفوَ الصّفوِ مُنتخَبا

في راحتيك مناخ المُتعَبيـنَ وفي
سوادِ عينيك للنسّاكِ سِترُ خِبـــا

ما كنت منتقمًا والطائف امتنعت
سمحٌ وتأكلُ مِنْ عدّاسهِم عِنبا

تحكي الثنيّات حين البدرُ طالعَها
لا غرو إن صافحت أجفانُها الهدُبا

في يوم مكة كم دارٌ تؤمّنهُم
ببحر عفوِكَ سالوا.. ما انتهواْ طلَبا

أوليتنا رحمةً في كل ذي كبِدٍ
لننثرَ الحَبَّ كي تدعو الطيورَ رُبى

يا ناضر الوجه ِ.. وجهُ الأرض مُبتئسٌ
فامسَحْ بكفّك عنه القرحَ والنّصَبــا

أمطِرْ وفاءكَ في صحراء أفئدةٍ
فتلكَ غُدرانُنا تستنكرُ السُحُبا!

أغمضتُ عينيّ لمّـا خانتا لأرى
بهاءَ طيفِكَ يدعوني لأقتَربــا

للعارفيــنَ مرايــا ..خلفَـــــها عَبــروا
تجاوزوا الرسمَ للمعنى الذي اكتسبا

.. أراهُ وجهكَ و المعنى يصدّقهُ
يقول بالحب سِرْ لله محتسِبا


شوقي لألقاك أمواجٌ و أشرعةٌ
ونورسٌ لاح في الافْـق الذي شحَبا

شوقُ المآذنِ بابَ القدس تهتفُ بي
بأنّ خَطوكَ للمعـــراجِ مــــا نُـقِبــا

شوقُ الغمامِ الذي استسقيتَهُ فبكى
حين ابتهلتَ وسحّ الغيث وانسـكبا

شوقُ النخيلِ الذي في بطنِ يثرب إذْ
ذُكِـرتَ هـبّ حنينُ الجذع فانتـَحبـا

شوقُ الحصيات والتسبيح منهمرٌ
منْ راحتيك فهاجت وانتشت طـَربـا

مسافرٌ فيك ..حرفي طائرٌ ثمِـلٌ
ما اهتزّ من سَكَـرٍ لكنه انجذَبا