نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
أنا ... يا قمر
أتذكُر فجر ميلادي على نور وجهك الذي يخلق الأمل
ولحنك الذي كان يبعث الأُنس على مرابع غربتي
ما بال أمسنا مضى بعيدا دون أدنى شكٍّ بالرجوع إلى أحضان مساءاته التى فناها الأجل دون قارعٍ يكسر الإنذار الأخير
أ أُستُلِب ميعاد القطوف عُنوة ؟؟
أنا ... يا قمر
أتذكُر كتابي الذي بنيتهُ باليمين من أوراق حياتي المبعثرة ؟
إنه هنا خلقته من دمي حتى يكون حجة لنا
ومازال الصمت يجني هدوءه في سمائي
أتذكُر يا قمر رونق وجهي وخجل ابتسامتي التي اكتسبتها من بوحك الساحر في آخر وهج كان وسيطه السحاب
والنجوم التي كانت تدارينا من شُحب كواكب العذل الساخرة؟
لكن هي الحياة التي أجبرتك على الرحيل ورغم ذلك كلانا آمَنَ بذلك القدر المختوم
نعم ... يا قمر ... كان رحيلك في أول الليل وقد أظلمت من جرَّائك الأنهار التي كانت تجري بحنين إلى حيث منابع صفائها
وانحدرت الأرواح في سبات مؤبد إلا أنا فبقيت أتجرع الشموع حتى تمهلني صبرك الذي ربما سيطول
ودعتك ياقمر وأنا للدموع عنوان
تآكلت نفسي سؤالا عنك... فعلا ستعود؟
لست أنا من يحتاجك فقط !!!
بل أكوان وبلدان
سماواتٍ ووديان
لقد مارست حق السؤال عنك من جميع نوافذ الحياة
كنت أطل عليك وأتتبع مسيرك خشية أن تتألم من عتبات العذاب
مازلت في انتظارك ياقمر
لن يفجعني بُعدك رغم الضيق الذي يغتال الصدر وحشةً وجحود
آه ... كم كنت أتغاضى الألم وأخدع نفسي بالعيش دون نورك
حتى تفاجئني بهبوطك على مرابع مدينتي
كنت أصحو من أول ضارب يُحَيِّي الفجر بميلاد يوم جديد
لم يعد النوم وليفي ، بل كنت أجاهر من أي النوافذ أبدأ تحيتي
رغم نوافذي الثلاث التي كنت أمتلكها إلا أنني أرى إحداها هي الأقرب إلى حبل البيان حتى أضمن من خلالها وصول إشارات وجودي
ورسائلي تلك التي أسرجتها بلحن موحش حتى أتفادى انقلاباتي
رغم ذلك ... فأنت من منعني من قرب تلك النافذة التي يطل عليها المعمرون من وراء ساتر القيادة الكاذبة
فأنْصَتُّ لك وطبَّقتُ طلبك على اختناقاتي المتتالية دون تحدي
لكنه القدر شاء أن يعيدك إلى فضاءك المسلوب
رأفةً بحالي المقتول
لقد عدتَ أيها القمر ...
لكن ... مُكبل النور ، مسفوك العطاء ، فاقد الحنين
كنتُ أنا أول المهنئين لبزوغك العظيم
وأفضت الابتسامات قبل شروق يوم جديد
وحملت في أحشائي شتى الأحاسيس وأروع الوجدان
كنتُ أتوقع بعد غيابك هذا شيئا جديدا ما سيولد أيضا
لكن أنا من سيولد من جديد !!!
ماذا بعد يا قمر ؟
ها أنت غبت حولين وعدتَ بوجهين مختلفين
ألم تتذكرني في غربتك المصطنعة؟
ألم يطرأ عليك طارئ ذكرى لتجلب لي الورود التي حلمت يوما أن أخلق منها طوقا يحيط عنقي الذي انتكس حزنا لفراقك !!!
وأنت تعلم أني أعشق الورود ألا يكفي أني عبيرها ؟!
آه يا قمر ... كم كُتب علي ومازال يتجدد كتاب العذاب
مازلت أحلم بوجهك الجميل
كنت أتوقع أيضا أن تفاجئني بزيارتك الخاطفة
حتى أعيد رسم ملامحك بلحن آخر لكن أروع بكثير
وأنت تعلم موعد رحيلي الذي أطبقه الغافلون
تعلم أن مراسم دفني باتت قريبة
فلما تحرمني من وهجك الذي ينير البيان؟
أيها القمر ...
تعلم أني فقدت فنون البوح بعد ألمٍ أطاح بأجنحتي
وغياب طويل أسَرَني تحت أنقاض اسمها العذاب
وظلمٍ أحاطني وأسرتي من ميـِّتي القلوب والدين
مازالو ينبشون ترحيلنا إلى حيث لا ندري
أوقفت أنا مصير شهادتي ، سأجعلها على منوال ما كُتِبتْ عليه
أرى بالأيام دوامة من المفاجآت المؤلمة
فهل يا ترى سَيَحِنُّ لنا يومٌ من الأيام بكوكب سعيد؟
الكلُّ تبرأ منا
حتى أنت أيها القمر
لكن لم يعد ينبض قلبي بشيء من الحياة
... وتبقى أنت ياقمر الذكرى الأولى والأخيرة
الوداع أيها النور الساطع
سأتعايش مع شموع الليل حتى تبرق الابتسامة بنور صادق
..........................
............................
............................
أي همٍّ هذا كبَّل عطاءاتي
أتمنى أن أعود لكِ يا واحة
فهل ياترى ستمهلني الأيام النهوض من غمة الإنهيار؟؟؟
تحياتي
شاطئ سلام
عبير
11/9/2006