[center]
بين نصين :" كف أمي " و " كرم "[/[/
center]size]
[size="4"]
للأديبين مصطفى عراقي و حوراء آل بورنو
[center
]بقلم :إيهاب النجدي
[/cent
er] يتخلق في الوقت الحالي في المشهد الأدبي للسماوات المفتوحة أدب حر _ بما في الكلمة من معاني العتق والدفء والكرم _ ويحلق في فضاء بحجم تلك السموات .
هذا مفتتح يفتح لي نافذة لبعض النظرات في نصين من نصوص " ملتقى النثر الفني " بالواحة الثقافية , هما: "كف أمي " للدكتور مصطفى عراقي , و"كرم "للأستاذة حوراء آل بورنو. وبين يدي النصين أهتف بقول الشاعر الفرنسي لامرتين :" أيها الألم هات يدك وتعال من هنا " فالنصان يشعران القارئ بالشجن الرفيق و الحزن الشفيف الذي يأخذ بيدنا ليطوف بنا في أبهاء الحياة التي نعرف والتي لا نعرف .
وهما يخرجان من نبع لا ينضب : الأمومة , ويتدثران بالصدق والحميمية , ويتوسلان بوسائل فنية عديدة لعل أبرزها :
_ التلقائية في التعبير , والسلاسة في الأداء اللغوي , فلا نجد ألفاظا تراثية الاستخدام , تتطلب العودة إلى المعاجم , فالغالب على النصين هو المعجم الرومانسي .
_ استطاعت كلمات النصين أن تحيل العادي إلى دهشة , و اليومي إلى جدة , وكأننا نرى الأشياء المألوفة للمرة الأولى ,وهو ما أحب تسميته ب"الأشياء الطفلة " أو "طفولة الأشياء " حيث تتصفى من كدورة الحياة اليومية لصنع صورة نألفها تماما لكنها تدهشنا بلباسها الفني الجديد , ويسميها الدكتور محمد مندور _ إذا شئتم _ " فتات الحياة ", تأمل مثالا لها في قول ابن الرومي يرثي ابنه محمد :
[center] كأني ما استمتعت منك بنظرة ولا قبلة أحلى مذاقا من الشهد
كأني ما استمتعت منك بضمة و لا شمة في ملعب لك أو مهد[/
center]
و يكاد نص " كف أمي " أن يكون كله صورة من تلك الصور المحببة . ويقدم " كرم " أكثر من صورة نراها في اختباء كرم من الصبية وفي رؤيتها لنفسها في عيني أمها وفي لجوئها إلى صدر الأم عندما يهتف هاتف النوم اللذيذ .
_ هذه الوسيلة الفنية تسلمنا إلى السرد القصصي , الذي تؤكده تلك الجمل الحوارية القصيرة المركزة.
_ اعتصم النصان بالإيجاز , فجاءت " الألفاظ جائعة والمعاني شبعى " كما يقول البلاغيون , وهذا ما وضح في ابتداء " كرم " وفي ختام " كف أمي "
..."أتذكر أشجار الزيتون " فما توحيه الأشجار هنا ليس الثبات والصمود فحسب ولكن توحي أيضا بالأمن والسلام وربما بعينين خضراوين .
..." هذا هو البرتقال , ولكن أين أين كف أمي ؟" وهنا إيجاز وكشف يجعلان العبارة تسكن ذاكرة القلب والعقل .
ولكن التعبير بالوصف أحيانا يعوق التدفق الفني , وهذا ما ظهر في بعض المواضع بالنصين .
_ الملامح المشتركة بين النصين كثيرة , أما الملامح الفارقة , فلعل الزمن أبرزها , و قد بدا في " كف أمي " زمنا ماضيا فالأمومة الغائبة تستدعيها ذاكرة الابن البار , و تؤكدها كلمات مثل " كان , كانت , كنا .." وقد تكررت في السطور الأولى خمس مرات .
أما الأمومة في " كرم " فهي بنت الزمن الحاضر , وتؤكدها أفعال المضارعة المتلاحقة , المستخدمة بكثافة في كل سطور النص تقريبا .
و إذا كانت " اليد " _ سلمت يدا الكاتبين _ تحضر في النصين , فإنها في الأول " كف الأم " وفي الثاني " أنامل الابنة " , افترقا زمنا ليجتمعا في نصين بديعين , من نصوص السموات المفتوحة .
إيهاب النجدي [/
size]