جِــيــلٌ في قَــفَـــصِ الاتِّـــهَـــــامِ
************************

يا سَيّدي القَاضِي العَزيزْ
إنّي أرَي جِيْلاً من الأحْلامِ عَانقَه الغُروبْ
جيلٌ يَذوبْ
مَا عَادَ يَمْلكُ أنْ يَسِيرْ
مَا عَادَ يَمْلكُ أنْ يَكونَ مُمَيْزًا
إنْ ظَلَّ يَنْتَظرُ المَصِيرْ

جِيْلٌ صَغِيرْ
يَرْنُو مُعَانَقَةَ الكَسَلْ
مِنْ تَحْتِ أمْطارِ السَّمَاءْ
ويُقَدِّسُ التَفْكِيرَ في وَقْتِ المَسَاءْ
في ظلِ أضْواءِ الشُّمُوعِ
الذائِبَاتِ عَلي مَصِيرٍ يَحْتَضِرْ
يَبْكِي نَهَارًا مُظْلِمٌ بالظَالمِينْ
فَتَحَطَّمَتْ في دَاخِله
أيُّ انْحِيَازٍ لانْتِمَاءٍ أو حَنِينْ
فَعُرُوقُهم تَجْرِي بِهَا سُمٌ زُعَافٌ قَاتِلٌ
يُدمِي العُقُولَ ويَسْلبُ الرَوْحَ الكِيَانَ بِلا حَيَاءْ
وَيُحَطِمُ الرَيْحَانَةَ البَيْضَاءَ في قَلْبِ العَذَارَى التَائِبِينْ
قُتِلَ الحَنِينْ
وَتَبَلَّدَتْ كُلُ المَشَاعِرِ في قُلُوبِ العَاشِقِينْ
لتَصِيْرَ حَبْرًا جَامِدًا
يَحْكِي خَرِيْفًا يَابِسًَا وَسُقُوطُ أوْرَاقِ الشَّجرْ
كَيْفَ الرَبِيْعُ بِدُونِ مَاءٍ سَيْدِي
وَالمَاءُ يَحْتَاجُ المَطرْ
جُنَّ السُّؤالُ منَ التَسَاؤلِ عَنْ جَوَابْ
شَابَ الشَبَابْ
مَا عَادَ يُبْصِرُ مَاءَهُ إلَّا سَرَابْ
قَدْ أُنْهِكَتْ طَاقَاتُه فِي ذَلِكَ الوَقْتِ الوَجِيزْ


يَا سَيِّدي القَاضِي العَزِيزْ
قَدْ مَاتَتْ الأحْلامُ فِي رَحِمِ الحَيَاةْ
والمَوْتُ يَنْتَظِرُ المَزِيدْ
فَلتَلحَقُوا بِفُتَاتِ جِيْلٍ يَحْتَرِقْ
مِنْ قَبْلِ أنْ يُمْسِي رَمَادًا سَاكِنًا أو يَنْفَجِرْ
فَتَثُورُ حَبَّاتُُ الرَّمَادِ المُحْتَرقْ
في كُلِ أَنْحَاءِ السَّمَاءْ
كيْ مَا تَصِيرَ سَحَابَةً سَوْدَاءَ
تُخْفِي النُورَ عَنْ عَيْنِ الكَثِيرْ
وتَفَيْضُ بِالمَطَرِ الغَزِيرْ
مَطرٌ مِنَ الإحْبَاطِ فَوْقَ رُؤوسِنَا
أَدْلَتْ بِهِ فَوْقَ الرُؤوسِ وَفِي النُفُوسِ
سَحَابَةُ اليَأسِ الخَبِيثْ


يَا سَيِّدي القَاضِي العَزِيزْ
أنَا لسْتُ أرْفُضُ مَا يَشَاءُ اللهُ للعَبْدِ العَنِيدْ
لكنَّنِي أأبَي مُحَاكَمَةَ الضَحِيَةِ أوْ عِتَابًا مِنْ جَدِيدْ
فَالَّليْل أَوْشَكَ أَنْ يَفُورْ
وَالفَجْرُ أَضْحَي بَيْنَ بَينْ
وَالطَّيْرُ يُذْبَحُ مَرَّةً
لا مَرَّتَينْ
الطَّيْرُ يُذْبَحُ مَرَّةً
لا مَرَّتَينْ
*****************