-1-
بين حضور وغياب ، بين سكرة واستفاقة ، بين فيزياء الكلمة وكيمياء المعنى ، كنتُ أشق طريقي مفعما بالتناقض ، وغارقا في اللامبالاة.
-2-
لا فرق عندي بين بقاء ورحيل ، فأنا منذ زمن غير قصير ، أثوي في رحيلي ، وأسافر في بقائي
وليس يهمني أبدا أن تتعجبوا.
-3-
حين أراكم غارقين في اليقين ، مغمورين بكل شيء عدا الشك ، أحمل ما تبقى لديّ من حقائق وأعلقها على جدار الحيرة.
-4-
لأن السؤال منبع المعرفة ، ولأنه أول صديق للإنسان ، توقفتُ عن اقتراح الإجابات المترهلة الحمقاء ، جمّعتُ كل شجاعتي وقلتُ:
يا أنا : من أنا؟
-5-
ما يجعل حياتي مختلفة ، هو أنني لا أعرفني جيدا ، بل إني لا أفقه تصرفاتي في أغلب الأوقات ، لكن ما أفهمه بشكل واضح ، هو عبارة:"هكذا خُلقت"
-6-
قد تكونون طاهرين لأبعد حدّ ، وقد أكون طاهرا أيضا ، لكن ما لا تعرفونه أو تدّعون أنكم تجهلونه ، هو أنّ الفتاة العاهرة أيضا طاهرة ، وأن الرجل السكير طاهر هو الآخر ، لكن الفرق يكمن لا في الطهر نفسه ، ولكن في فلسفة الطهر ذاتها.
-7-
لم أكن يوما واعظا ، بل إنني لم أمِلْ قطّ إلى الوعظ ، لكنني أحب أن يعظني الآخرون ، وأكره أن تفعل ذلك امرأة ، لأنها كمخلوق جميل أعلي من مكانته لا يليق بها أن تعظ ، ولقناعتي أن طبيعتها الأنثوية الرقيقة لا تتناسب إلا مع الرقة والعذوبة.
-8-
أول امرأة التقيتها وأمسكتُ يدها بشغف كانت تكبرني بسنوات طوال ، وكنتُ أنا طفلا ماكرا يتعلم لأول مرة كيف يعشق أو كيف يتلذذ . وآخر امرأة التقيتها كانت تصغرني بسنوات طوال وفي لحظة صفاء شعرتُ أنها تمسك يدي بشغف كبير وتتعلم أول دروسها في العشق ، فابتسمت ، لكنها كانت أكثر جرأة مني في صباي وقالت بصوت طفوليّ رخيم : نبغيك بزاف بزاف.
-9-
قد لا أكون شجاعا بما يكفي حتى أقتحم عرين الكلمات ، لكنني مشتعل بما يكفي حتى أفضّ بكارتها جميعا ، قد يقول البعض إنني مريض ، أو يتهمني آخرون بالجنون ، لكنني كشاعر لا أحب التخنث خاصة حين يتعلق الأمر بالكتابة .
-10-
يا أيتها الزجاجيّة العينين ، صدقيني كلما كنتُ أنظر في عينيك أرى بحرا هائجا ، فأشعر بالخوف وأخشى من الغرق ، وأنت تنظرين إليّ هادئة مبتسمة ولا تشعرين بشيء.
-11-
كثيرا ما أشعر بالألم ، وكثيرا ما يشعر الألم بي . ولكنْ لم يشعر بيَ الأخرون قط ، ترى ؟ هل لأنهم تحوّلوا إلى حجارة وفقدوا إحساسهم بما حولهم؟ أم لأن العالم تغير فأصبح لا يشعر بأحد وأنا لا أزال متخلفا لأني أشعر بالجميع؟
-12-
قالت لي إحدى الغواني: الشعراء مجانين ، بل إنهم مرضى يحتاجون للعلاج والمتابعة . قلتُ لها : حين أراك تختلط عواطفي ، فتلتحف السعادة بالشقاء ، ويظهر الحزن بحلة الفرح ، وأشعر برغبة ملحة في احتضانك ، نظرتْ إليّ في تأثر واحتضنتني . حينها أدركتُ أنها مريضة ، وقررتُ أن أصبح شاعرها المريض.
-13-
أكره الأشياء المنسجمة ، ولستُ أحتمل الرتابة والنظام ، لذلك أحبتني الفوضى وأحببتها فصرنا عاشقين شقيين يسعيان إلى تخريب المألوف وإعادة صياغة الأشياء.
-14-
قد أبتسم حين ألبس جلباب الحزن ، وقد أحزن حين أتحد بالسعادة . أنا لا أصدق أبدا أن الحزن والسعادة ضدين مختلفين ، لأن الحياة لا تستقر على حال واحد مهما كان ، ولأن الإنسان كيان معقد تتداخل فيه آلاف العواطف والأحاسيس.