إلى الرجل الذي علمني أن الحر ليس هو ذاك المنعتق من العبودية ولكن ، هو من عاش عزيزا ومات عزيزا
إلى والدي حيث هو مرقده منذ خمسة أشهر ...

نَاجَيْتُ قَبْرَكَ



نَاجَيْتُ قَبْرَكَ وَاتَّشَحْتُ أَسَايَا
وَنَسَيْتُ مِنْ فَرْطِ الدُّمُوعِ خُطَايَا
لَمَّا وَقَفْتُ أَمَامَ لَحْدِكَ بُرْهَةً
ضَجَّ الحَنِينُ وَأَذْرَفَتْ عَيْنَايَا
وَاعْشَوْشَبَ الحُزْنُ العَظِيمُ بِأَضْلُعِي
وَتَكَسَّرَتْ فِي نَاظِريَّ مَرايَا
كَانَتْ تُلَمْلِمُ كُلَّ أَيَّامِ الأَسَى
سُعْدَاً ، وَتَبْعَثُ لِلْقُلوبِ هَدَايَا
وَاليَوْمَ بَعْثَرَتِ المَرَايَا أَضْلُعِي
كَمَدَاً ، وَتَنْثُرنِي الْهُمُومُ شَظَايَا
مُزجت بِكُلِّ المُوجَعِينَ مَصَائِبٌ
وتَهُونُ إِلا مَا رَمَتْهُ مَنَايَا
شَاخَتْ مَدَائِنُنَا بِفَقْدِكَ يَا أَبِي
وَتَلَبَّدَتْ بِالمُعْضِلاتِ سَمَاياَ
قَدْ كُنْتَ أَسْتَارِي لِكُلّ بَلِيَّةٍ
وَالآنَ تَعْبَثُ بِالنُّفُوسِ بَلايَا
أَوْرَاقُ ذَاكِرَتِي مِدَادُ فَجِيعَتِي
قَدْ بَعْثَرَتْ بَيْنَ السُّطُورِ دِمَايَا
وَحُرُوفُ شِعْرِيَ لا تَزَالُ يَتِيمَةً
وَيَرَاعُ حُزْنِيَ أَثْكَلَتْهُ يَدَايا
هِيَ كَائِنٌ قَدْ كُنْتَ أَنْتَ فُراتَهَا
رَوحَاً فَتَبْعَثُ لِلْوُجودِ حُدَايَا
وَالآنَ بَعْدَ رَحِيلِ رُوحكَ يَا أَبِي
عَجَزَتْ بِأنْ تَهْدِيكَ بَعْضَ رِثَايَا
مَاتَتَ عَلَى كُلِّ السُّطُورِ مَشَاعِرِي
تَشْكُو الفِرَاقَ كَمَا شَكَتْهُ حَنَايَا
تَتَوَسَّدُ الذِّكْرَى عَلَى شُطْئَآنِهَا
أَلَمَ الفِرَاقِ عَلَى حُدودِ زَوَايَا
تَتَبَعْثَرُ الآَمَالُ مِنْ قَارُورَةٍ
كَانَتْ تَضُمّ عَوالِمِي وَمُنَايَا
أَحْلامَ عَائِلَةٍ .... خَرِيطَةَ بَيْتِنَا
مَشْروعَ مَتْجَرِنَا .... هُمُومَ قَضَايَا
أَطْفَالُنَا فَقَدُوا أَريجَ مَحَبَّةٍ
وَحَنِينَ جِدٍّ مُزْهِرٍ وَهَدَايَا
يَتَسَائَلونَ - وَكُنْتَ يَوْمَاً بَيْنَهُمْ -
هَلْ ذَاكَ حَقٌّ أَمْ نَسِيجُ حَكَايَا ؟
فَأَراكَ فِيهِم كُلَّمَا عَانَقْتُهُمْ
طَيْفَاً لأَمْسَحَ أَدْمُعَاً وَشَكَايَا





~~ يقولون ولّى وهذا الأثر ~~