أسير الحريـــــة
ألم وحلم وعزيمة
من خلف أمواج الدجى أبصرتـــه
يشكو لهيب القيد والحرمـــانِِ
وعيونه تحكى إلى توجعــــــا
والوجه يلعن قسوة السجــــانِ
من حوله الأشواك أنياب الردى
والبوم ترصد زفرة العقبــــــان
قد عاش كنز العمر فى زنزانـــة
لفته في جحر كما الأكفـــــــان
يجثو وحيدا لا أنيس بقربـــــه
إلا أنين الريح والجــــيران
هو كالغضنفر راقدا فى عـــــزة
فى صدره نار كما البركـــان
يصبو إلى الماء المبعثر حولــــــــــه
فيصده وحش كما الشيطـــــان
بالنار ينخل بدره متسليــــــــــا
ويدقه بسلاسل الحيطـــــــان
ويصب أحقادا عليه ضريـــــــــرة
ويكبه في مرجل الغليــــــــان
الفكر أسقمه وأسقى غصــــــــــة
والنفس عافت ربقة الإذعان
فتطوف نظرته برؤية حالـــــــــم
حول المروج بلهفة وحنـــــان
ويرى الطيور الشاديات مواكبـــــا
في الجو تسبح حلوة الألـــوان
ويرى زرافات الخراف طليقــــــة
فوق التلال سعيدة الجريـــان
والزهر في الربوات يهفو حالمــــــا
بهوى النسيم العابر الولهان
تلك الطبيعة قد تكامل عرسهـــــا
حرية ضجت بكل مكـــــــان
حرية كالحلم أيقظت المنـــــــــــى
وتناغمت في القلب والوجـدان
فتجول فى عينيه دمعة عاشـــق
ويشده شوق إلى الغيطــــــان
فيهز أنياب العذاب تحديـــــــا
ويصيح صيحة مارد عطشــان
وطنى فديتك صبوتى وسعادتـــى
ومراتعى وملاعب الولـــــــدان
إنى هنا فى القيد أنسج موطــــنى
وأحيك شمسا من دجى القضبــان
فالفجر يولد من بطون دجيـــــــة
والغيث من غيم السما الغضبـــان
والورد يزهر وسط شوك جـــارح
والعشق ينضج من جوى الأشجان
والسجن يزرع فى العزيمة جــذوة
والظلم يشعل جذوة النــيـران
يا درة البلدان يا دنيا الهــــــــوى
أرض الشموخ وقبلة الأديــــــان
ما دام نور الشمس فينا ساطعـــــا
سنذيب ليل القهر والأحـــــزان
ونعيد نجمك فى الأعالى خافــــــقا
والسجن يصبح جنة الرحمــــان
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي