عند الغروب

وقفت رباب على الشرفة - والشمس شارفت على المغيب - تراقب الأطفال وتستمتع بالنظر إليهم وهم يلعبون ويمرحون .
سمعت صوت صفير قوي توقف ثم عاد ثانية.... وثالثة و ....
بدون شعور وجدت نفسها تبحث عن مصدر الصوت
نقّلت ناظريها تجاه المباني المجاورة فلفت نظرها شاب يقف على سطح أحد المباني
يلوح بعصا طويلة ربط في طرفها العلوي شريطة حمراء
تساءلت.... ترى لمن يصفر و يلوح ذلك الشاب ؟
ولماذا هذه الشريطة الحمراء في أعلى العصا؟
أثار الأمر فضولها
نظرت هنا وهناك.... ولم تجد إلا سرباً من الحمام
يطير في مسار دائري وكأنه في حيرة من أمره ثم اقترب من ذلك البناء
حطت مجموعة منه على سياج السطح بينما طار الباقي
اقترب منهم الشاب ودفعهم للطيران ما دفع رباب للاعتقاد أن هنالك علاقة بين الحمام و ما يفعله الشاب وقالت في نفسها ترى إذا كان يلوح للحمام لماذا أطلقه من جديد ؟
ازداد فضولها
صعدت إلى سطح دارها لتراقبه عن كثب وكم كانت دهشتها شديدة عندما رأت - وبعد عدة محاولات من الشاب - حمامات السرب كاملة تغط على سطح داره وهو ينثر الحب الذي ملأ به كفيه أمامه ثم فتح باباً لغرفة صغيرة فدخلت الحمامات بسلام بعد أن التقطت الحب المنثور على الأرض .
نزلت رباب إلى منزلها وهي تكلم نفسها
أعرف أن الحمام لو أُطلق فإنه يعود ثانية إلى حيث كان وأعرف عن الحمام الزاجل الذي استخدم قديماً لإرسال الرسائل ولكن أمر ذلك الحمام مع الشاب حيرني لابد أن أفهم الأمر .
قصت رباب على أمها ما كان من أمر الشاب والحمام وما أشد دهشتها عندما قالت لها أمها إنه سارق الحمام يا بنيتي
قالت رباب : ولكنه لم يمسك أياً من الحمام بيده بالرغم من قربه منه!! بل أجبره على الطيران
قالت الأم : إنه يطلق مجموعة تطير كسرب يقوده أحد هذه الطيور فيلوح له الشاب بتلك الشريطة الحمراء ليجذبه إليه ما أن يمر السرب بالقرب من حمامة تائهة حتى تنضم إليه ويستقدمها معه - فالحمام يحب الطيران على شكل جماعات - لذلك لما وقفت مجموعة منه على السياج أطلقها لإحضار الباقي
ذلك الشاب يُنعت بكشَّاش الحمام
هل تعرفين يا رباب
يقال أن شهادة أمثاله لا تقبل في المحاكم
إنهم يسرقون الحمام ... برضاه
عقولهم شاردة
وعيونهم دائماً تراقب الطيور في السماء
فإن قالوا رأينا كذا لا يُصدَّقون
م.الهام56