عطرتِ حضنك للأشواق ريحانا
وبتِ تستقرضين البحر مرجانا
أترعتِ في نشوة الإعشاب قافيتي
ففصلتْ لك هذا الموج فستانا
هو الحنين تجلى في ملامحنا
صاغ الهوى فاستـفاق القلب خفقانا
مازلت أغنيتي السمراء يعزفها
ناي المآسي فيغدو الحلم أوطانا
يا أنت يا وجع الهقار في شفقي
رحماك منا فإن التيه يهوانا
ما انزاح حزن تدلى من مواجعنا
إلا استضاف ربيع القلب أشجانا
رحماك منا جراح العشق أودية
نجواك فينا تجلى الجرح أنسانا
قد أمطرتني جفون الغيب محنتنا
فكررت زمنا يغتال أزمانا
وأنشدتني طيور الشوق غربتها
فاسترسلت أملا يجتاح أكفانا
طوباك يا محنة الزمان في زمن
يختال بالردة الحمراء عنوانا
يقد عنك وريد الغيث مغتسقا
وراح يجـتث في الأعماق شريانا
فأيقظتك كروم الوجد نبرتها
ورحت تستقرئين البدء يقشانا
فتـّـحـتني واحة للعشق دامعة
فطيبت بسملات النخل منفانا
وحي التوهج في عينك يغرقني
يمتد فيه المدى للبوح شطآنا
يممت نحوك يا جمر الهوى اشتعلي
أسقيك سرا أحال الوجد نيرانا
لا تطفيء النار في أرحام ذاكرتي
فالقلب تحت رماد الشك ما خانا
غسّلتُ في رحم الآهات أغنية
تقتات من كبدي تشتاق أحضانا
وهذه الآه قالت لي كفى وجعا
لن تستطيع معي صبرا وإذعانا
لن تستطيع ولوج النار في حممي
ودونك الجمر غاب من حظايانا
أو تستطيع ركوب الريح معتصما
بدفء أفق أفق فالريح أحمانا
يا أنت مصلوبة في منتهى وتري
أيامك الخضر لو خصبت أزمانا
قد جئتُ من لعنات الغيب فاتكة
أهديك حر الهوى لو كنت أشقانا
إني تنزلتُ في نجواك فاصلة
عرفتَني قدرا لو شئت ما كانا
لو رمت نبض الهوى أذرى الهوى لهبي
فاسلم بقلبك لو أبقيت إيمانا
أماته فيك تجديفي فأقبره
أن تبتغي نشرها أصليك نيرانا
لا أنت يا وجه طاسيلي شرقت دمي
لكن هي البيد كالإنسان سلوانا
ندرتَ قلبك للصحراء أغنية
فابشر بقولي نذرت العمر أشجانا
ماض على أمل سرب الطيور شدا
على محطات هذا البعث بلوانا
مني ثلاثون عام في فمي جرحت
نجوى أغاني الهوى بالدمع أجفانا
فهدّجتْ غربة الأصوات في كبدي
كل الأماني ففاح الصدر دخانا
وعمّني الغمّ من أوهام محنتنا
إذ أنكرتْ رسل الصحراء دنيانا
أو غلتُ في حقل ذاتي رمت واحتها
أقفلتُ مغتسقا فالذات تنعانا
أجلفتُ من خشبي في الذات محترقا
فحزتُ أدغالها أفزعت غربانا
بكيتُ في القلب حلما طار لو أره
نادى من الغيب يا طفلا كفى الآنا
مازالتَ لا ترتضي غير التي ذهبت
بالحب للموعد المأمول نجوانا
فأشرقت بالرؤى واحات ذاكرتي
وحولت ذكريات العمر بستانا
وطاف بي موكب الأحلام يحملني
مع النسيم الذي قد رق ريحانا
ولاح طيفك في وجدي يلاحقني
سبحان وجهك بعد الله سبحانا
فضمّت الرمل كفي فانتشى طربا
عفرت فيه محيا الوجه عرفانا
فتّحتُ عيني فهال القلب حاضره
واستقبل الفجر يهدي الكون إلحانا
وعربدت لهفة في الصدر تحضنها
شواطئ الرقص فاضت في طوفانا
فصحت يا أنت يا لحنا بلا وتر
إني توسّدتُ جرحي فيكِ ولهانا
يا أنتِ يا جنةَ بانتْ لواحظها
هلا رحمتِ من الأوجاع رمانا
هلا رحمتِ فؤاد هام مرتحلا
نحو المواسم خلف الوحيد هيمانا
هلا حملت إلى بحر تسجره
مني الينابيع هذا الموج لو خانا
فلاح طيفك من أقصى مواجعنا
ومسّح الجرح والقلب الذي عانا
و اخضوضر البيد في نجوى مواجدنا
إذ غردتْنا طيور الذات أغصانا
يا أنتِ يا فرحا يسعى بلا قدم
طوباك فالعمر من أجل الهوى هانا
هذا دمي بعد قلبي في الصدى شبم
يستف جمر الهوى يصليه نيرانا
يا لهفة البيد أشواقا أحمّلها
تلك الحمامة لو طارت لك الآنا