مُخاصَمَتي لحبيبي الشِّعْر/ ثناء حاج صالح

مُخاصَمَتي لحبيبي الشِّعْر


يسألني :

أَتَتْكِ سُيُوفُ الرِّيحِ تَبْغي المُنازَلَة = فيا نَخْلةً عَزْلاءَ ما أنتِ فاعِلَةْ ؟

فأجيبه :

أَدُورُ على نَفْسِيْ وأَبْتَدِرُ الهَوى = ومِنْ سَعَفِي أَسَتَلَُ سَيفاً مُقابِلَهْ
فلا غَيْرَةً أطفأتُ إن كُنْتُ غِرَّةً = ولا نَزْوَةً في الشَّوْقِ إنْ كُنْتُ جاهِلَة
أَمُرُّ ولا أدْنُو أراه ولا أرى= وَخَلِّ دَبِيبَ العِشْقِ يُدْلِي حَبائِلَهْ
فإنْ شَفَّنِي بِالهَمْسٍ فَالصَّمْتُ حِيلَتِي = ولو حاوَلَ الإِصْغاءَ لَسْتُ بقائِلَة
وما عَجَبٌ أَلْقاهُ بالصَدِّ والنَّوَى = وقدْ جاءَ في الألواحِ أن لا أُعامِلَه

ثم أعقِّب:

شَكَوْتُ وكان الشَّكْوُ منِّي خَطِيئَة ً
ومِثْلِيَ لا تَشْكُو مِنَ الدَّهْرِ غائِلَة

أُعَانِقُ صَدْرَ الصَّبْرِ إنْ بِتُّ لَيْلَتي
فَيُصْبِحُ مِنِّي الصُّبْرُ يُمْلِي رَسائِلَه

ومنْ عَجَبٍ غادَرْتُ أسْوارَ قَلْعَةٍ
مُعَلَّقَةِ الأبْراجِ في الغَيْمِ نازِلَة

يُمَيِّلُ عَنْها الطَّيْرُ لو طارَ جُنْحَهُ
وتَجْفُلُ مِنْها الخَيْلُ في الليلِ صاهِلَة

أُضَيّْفُ فيها الشِّعْرَ والشِّعْرُ زائِري
ومَنْ يُكْرِمِ الأضْيافَ يُعْمِرْ مَنازِلَه

فلو عَقَلَ الغِزْلانَ أًطْلَقْتُ مُهْرَتي
ولو أَطلَقَ الأوْزان أمْسَيْتُ عاقِلَة

وما غَلَطاً ماثَلْتُ بالوَجْدِ عالِقاً
وَكَيْفَ أُجاري الشِّعرَ إنْ لمْ أُماثِلَه؟

فَبَعْضِيَ مَمْطورٌ، وبَعْضِيَ مُاطِرٌ
وبَعْضِيَ ماءُ النَّهرِ يُجري جَداوِلَه

أعاقَبُ بين الثلج والجَمْرِ واللَّظَى
عُقوبَةُ ذَنْبِ البرْدِ بالدِّفْءِ عادِلَة!

أبيعه ما أشري وما أشتري الظما
وحَقَّ عَلَيَّ الماءُ أُسقيهِ سائِلَه

وَكانَ لَنا صَحْراءُ نَجتازها مَعاً
نُعَلِّقُ فيها الرَّمْلَ نَبني مَجاهِلَه

فزَوْبَعَةٌ في العِشْق تُغْوِيهِ بالهُدى
وَتَبْعَثُني للصَّحْوِ والوَعي غافِلَة

سَواسِيةً كَالصِّفْرِ صِرْنا بِجَمْعِنا
ويا جامع الضِّدَّيْن أفْنَيْتَ حاصِلَه

فَفِيمَ أخافُ الوَصْلَ إن مَدَّ حَبْلَهُ؟
وَفِيمَ يَخافُ الهَجْرَ إن كانَ واصِلَه؟

وهذا ملحق بالتعقيب:

وقد راعَني أَسْرَعتُ كي أحْصُدَ المُنَى
سَنابِلَ قَمْحِ الصَّيْفِ غَطَّتْ سَنابِلَه

خَسَارَةَ ما شَيَّدْتَ يا شِعْرُ في دَمي
أعالِيهِ تَحْتَ الدَّوْسِ صارَت أسافِلَه

وتَكْتُبُ سَطْرَ العِشْقِ في صَفْحَة الأسى!
وَبَيْن الأسى والعِشْقِ ما ثَّمَّ فاصِلَة!

فَدَعْني على أَشْياءِ حُزْني أسِيفَةً
على وَهْجِ نارٍ في المنازلِ شاعِلَة

على حَلَبٍ والحُزْنُ حَلَّ مَفاصِلي
(ألا لَيْتَها الأحْزانَ حَلَّتْ مَفاصِلَه)*

على قَمَرٍ يا لَيْتَ لم يَدْنُ منْ يَدِي
ولم تَزَلِ الأَقْمارُ لِلْقَطْفِ آيِلَة

على حَجَرٍ أَنْعاهُ في كلِ لَيْلَةٍ
ولن تَقِفَ الجُدْرانُ عُقْباه عازِلَة

فإنْ كُنْتَ لا تُشْجيكَ يا شِعْرُ نُوتَتي
فَلُمَّ زهورَ الرَّوْضِ واصْرِفْ عَنادِلَه

وَنادِ زمانَ الهجرِ يَحْظُرْكَ عنْ دَمِي
وَصَلِّ صَلاةَ المَيْتِ، ما بَيْنَنا صِلَة!


* دعاء على من حرق حلب

ثناء حاج صالح

كاسل
2019.07.22

يحركني الشعرُ البديعُ فأنتشي

وأقرأُ شوقًا حرفَه وفواصلَه

تمكنتِ من بحر الطويلِ وصوغه

وأتقنتِه غاياتِه ووسائلَه

وأبدعتِ في نظمٍ يغردُ وحدَه

وأطلقتِ في أعلى مقامٍ بلابلَه

ومن خط شعرًا بارعًا كالذي أرى

ألا سلم الله الكريمُ أناملَه

على حَلَبٍ والحُزْنُ حَلَّ مَفاصِلي
(ألا لَيْتَها الأحْزانَ حَلَّتْ مَفاصِلَه)*

على قَمَرٍ يا لَيْتَ لم يَدْنُ منْ يَدِي
ولم تَزَلِ الأَقْمارُ لِلْقَطْفِ آيِلَة

وهذه الحرقة شعرت بها بين ثنايا القصيدة
مبدعة ياثناء
رفع الله شان هذا الحرف وبورك القصيد

وَقفتُ طويلاً.. لا وُقوفَ مساجلةْ
....................وحرفي يَغضُّ الطرْفَ حينَ أشيرُ لَهْ
وكان حبيبي الشعرُ يُصغي وَينحَني
..........................على الماء مُنكبّاً ليروي جَداولَهْ
بترنيمةٍ حبْلى ترتِّلُ لحنَها
...............................يطولُ مَداها والبلابلُ قائلةْ*
رَشفْتُ مِن الإيقاعِ كلَّ شفيفةٍ
......................وَمنْ دمْعةِ العينين ملْحَ المُواصلة
وما زلتُ في صمتي أدورُ بمغزلي
.........................ولا غزْلَ عندي أستعيرُ بدائلَهْ
عَييتُ بصمتي واللِّسانُ يَعقُّني
.............وإنّي بعالي "الصَّمْتِ" أحصي مَحامِلَهْ
جَمالٌ تجلّى فالحَروف شَجيّةٌ
..........................وَلَوْنٌ تَهادى والقَصيدةُ ماثِلةْ


* في القيلولة

شاعرتنا الكبيرة ..
هكذا أرى الشعر .. معاني وصور بديعة و فوق كل ذلك شعور و عاطفة تكتنف الكلمات .
احترت من أين أقتبس ..
أمرّ ولا أدنو .. أراه ولا أرى = وخلّ دبيب العشق يدلي حبائله

ومن الحزن على المدينة المعشوقة ..
على قمرٍ يا ليت لم يدن من يدي ..ولم تزل الأقمار للقطف آيلة

أبدعت حقاً .

كل التقدير .

سلام عليك ايتها الشاعرة الجميلة
فقد اعطيت الحبيب " الشعر " جماليات النسج والتصوير الدال
ورقة الموسيقى والمعاني
شكرا كبيرة على هذا الشعر الجميل
مودتي

بصراحة ...
وبدون مجاملة فأنا لا أحبها
عندما أقف أمام شعر ثناء صالح أشعر أنني أمام شاعرة كبيرة بمعنى الكلمة
تشربت الشعر منذ نعومة أضفارها
لا ينازلها فيه منازل
أوينازعها فيه منازع
أنا أحس أن قول الشعر لديها متعة وفن وأصالة
ربما يكون أسهل عندها من النثر
تحياتي لك شاعرتنا الكبيرة ثناء صالح

الله ...الله.. الله...

الله عليك ما أروعك...وما أشعرك حقا!

أعادتني قصيدتك إلى زمن بشار بن برد!


إذا الملك الجبار صعر خده....


لا فض لك فم يا ثناء، لا فض لك فم...


لك مني كل الاعجاب والاحترام والتقدير وأكثر

هنا الشعر ... أداء وتصوير أخاذ
تمكنت من الحرف والوزن حتى صغت منهما تحفة شعرية

أحسنت أختي ثناء وأمتعت وأطربت

نبضاتك ترنيمة عذبة زادها جمالا إبداعك الصادق الشفاف
جمال التصوير وقوة السبك وجزالة المعاني وسحرها
درر تنساب بعفوية وجمال جرس، ورقة لغة، وقوة عبارة
عندما يكون الحرف بهذه العظمة أقف وجلة خشية أن
أشوه بحرفي هذا الجمال.
ولك تحياتي وودي.