سفين وحنين

شعر: مريم العموري

أنكرتني كل مطارات العرب.. وختمتْ على قلبي.."غريب"
.. فحططتُ همّيَ الثقيلَ على شفا جرحي منتظراً فرج الله
سندباد يافا
تحوم الرياحُ بأكناف قلبي تقلِّبُ في الذكرياتِ الصورْ
فتحكي حكايا المساءاتِ عني عن السندبادِ، وهول السفرْ
وعن شهْقةٍ ردّدتها البحارُ فناحَ لها الموجُ حتى انشطَرْ
ليبدو فؤادٌ بحجم الزمانِ تجلّتْ به روعةُ المقتدِرْ
ممالكُ، من كل لون بديعٍ تنحّى الجمالُ لها واعتذر
قلائدُ، بعثرَهنَّ الغروبُ فلملمَ حبَّاتهنَّ السَّحَرْ
وعانقها الرَّمْلُ نشوانَ كيما يمدّ الوجودَ نجوماً أُخَرْ
فذا الموجُ، ذا سحرُهُ اليافويُُّ أشفُّ رُواءٍ، وأحنى وترْ
ويصغي إلى وشْوشاتِ النوارسِ فوق العبابِ تطيلُ السهَرْ
لعلّ النوارسَ تفضي بسرٍّ عن المتعبينَ، وإلْفٍٍ هَجر
وعن غَيبةٍ طال فيها الشتاتُ ولا من حديثٍ شفى أو أثرْ
فأرعدَ في خافقيهِ اشتياقٌ يغرّزُ أحشاءهُ بالشرر
ويلتجُّ: "يا سندبادُ إليَّ" ورجعُ صداهُ أتى بالخبرْ:
"لَذاكَ الذي تتمنّى لقاهُ بعيدٌ يجاوزُ أُفْقَ القمرْ
يُطوِّفُ في لُجَّةٍ دونَ بحر كَ تأسِرُهُ الأمنياتُ الغُرَرْ
فعينٌ تهيمُ بيافا وأخرى تشيِّعُ حلْماً ذَوى واندثر"
ويجتاحني من بعيدٍ أساهُ لو اجتاح صخراً لكان انصهرْ
فأرنو إلى أفْقِه المستحيلِ أناديهِ في حُرْقَة تستعرْ:
حنانيكَ يا موجُ، لا تعتبنَّ فذكْرُك في روح روحي وَقرْ
ولو في يدي، لاقتحمتُ السدودَ وطرتُ إليكَ هوىً يعتذرْ
ولكنّه الظلمُ أدمى جناحي وكُلَّ مجاذيف عمري كسَرْ
أُكتِّمُ بالكبرياء دموعي وها أنَّ قهري، بها، قد جهرْ
تُشَمِّتُ بي الخلقَ حتى أصابوا بصدري جراحاً همتْ كالمطرْ
فحتَّامَ قرصــــانُ بحري يجوسُ وأبقى أنا في الشَّقا أُحتَقرْ
وحتى القريبُ غدا كعدوّي ينكّلُ بالحلْم حتى احتضرْ
فعفوكَ، رغم النوى، ما هجرتُ ولكنّه يا حبيبُ، القدرْ
فقلّي بربّكَ كيف اللقاءُ وبيني وبينكَ كلُّ البشرْ
حنانيكَ، قد أنكرتني الجَواري وما عاد لي في المرافي مَمَرْ
ولكن إذا طوَّحتني العواصفُ ألمحُ رسْمَكَ وسْط الخطرْ
يهدهد روحي فينزاحُ غيمي وينقذني بجميل السوَرْ
فتالله لم أسلُ، واسألْ محارَ كَ، ماذا سَرَرْتُ قُبيل السفرْ
أنا السندبادُ، وليتَ الزمانَ يجودُ بموعدنا المنتَظَرْ
لأبقى على طُهْرِ رمْلَكَ عبدا يلبي نِداكَ الهوى المنْفطِرْ
أو الروح مني تُساقيكَ قُرْبا إذا ما تهاوى شِراعُ العُمُرْ
فهذي أماني غريبُ البحارِ أَمَا لسفين المُنى مُستقرّْ