|
|
أَتَاكَ الدَّهْرُ بَسَّامَاً نَضِيرَا |
وَعَهْدُكَ مِنْ زَمَانِكَ أَنْ يَجُورَا |
تَبِيتُ عَلَى حَوَادِثِهِ أَسِيفَاً |
وَتُضْحِي فِي نَوَائِبِهِ وَقُورَا |
وَمَا زَالَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ تُؤْذِي |
فَلَمْ تَجْزَعْ وَلَمْ تَخْشَ المَصِيرَا |
صَبَرْتَ عَلَى الخُطُوبِ فَمَا تُبَالِي |
أَجَلَّ الخَطْبُ أَمْ وَافَى حَقِيرَا |
وَأَلْبَسْتَ الجَهَالَةَ ثَوْبَ حِلْمٍ |
كَأَنَّكَ قَدْ لَجَمْتَ بِهِ الغَرِيْرَا |
فَمَا تُغْوِيكَ خَائِنَةُ اللَيَالِي |
وَمَا تَسْطِيعُ مِنْكَ عَلَيْكَ جُورَا |
أَيَا قَلْبٌ سَقَى بِالوُدِّ أَرْضَاً |
فَكَانَتْ مِنْ بُذُورِ الصِّدْقِ بُورَا |
وَأَخْلَصَ بِالوَفَاءِ لِكُلِّ عَهْدٍ |
فَكَانَ الغَدْرُ مَا سَكَنَ الصُّدُورَا |
إِلامَ الحُزْنُ وَالأَيَّامُ تَمْضِي |
وَتُبْدِلُ حُزْنَهَا حِيْنَاً حُبُورَا |
إِلامَ الحُزْنُ يَا قَلْبِي وَرَوْضِي |
مِنَ الأَشْوَاكِ قَدْ نَبَتَ الزُّهُورَا |
بَنَاتُ الدَّهْرِ تُغْوِي كُلَّ غَرٍّ |
وَتَحْفُرُ فِي دَقَائِقِهَا القُبُورَا |
فَيَا أُذُنَ النُّهَى هَلْ تَسْمَعِيْنِي |
وَيَا عَيْنَ السُّهَا قَدْ زِدْتِ نُورَا |
قُلُوبُ المُؤْمِنِينَ تَفِيضُ طُهْرَا |
فَتَسْمُو المُكْرَمَاتُ بِهَا بُدُورَا |
إِذَا صَاحَبْتَ فَاصْحَبْ كُلَّ بَرٍّ |
تَقِيٍّ صَادِقٍ يَخْشَى القَدِيرَا |
وَكُلَّ مَوَافِقٍ لِلحَقِّ عَدْلٍ |
وَمَنْ يَغْدُو عَلَى زَمَنٍ ظَهِيرَا |
وَهَلْ يَرْجُو الكَرِيمُ سِوَى كَرِيمٍ |
وَفِيٍّ لَنْ يَضِيمَ وَلَنْ يَضِيرَا |
إِذَا أَغْضَيْتَ لَمْ يَجْحَدْكَ عُذْرَا |
وَإِنْ أَغْضَبْتَ لَمْ يَصْخَبْ فُجُورَا |
فَإِنْ نَالَ الذِي قَدْ نُلْتُ قَوْمٌ |
فَقَدْ نَالُوا إِذَاً خَيْرَأً كَثِيرَا |
أَخَاً كَالمُزْنِ فِي قَدْرٍ وَقَطْرٍ |
تَقِيَّاً رَاشِدَاً بَرَّاً طَهُورَا |
أَبِيَّاً سَيِّدَاً فِي النَّاسِ قِرْمَاً |
عَلَى خُلُقٍ يَعُزُّ لَهُ نَظِيرَا |
سَلِيلَ المَجْدِ ذَا نَسَبٍ كَرِيمٍ |
سَلِيمَ الطَّبْعِ لا يَرِدُ الغُرُورَا |
سَقَانَا حُبَّهُ بِالشِّعْرِ شَهْدَاً |
وَأَبْدَى فِي مُحَيَّاهُ السُّرُورَا |
وَأَبْرَقَ مِنْ صَفَاءِ القَلْبِ صِدْقَاً |
وَأَغْدَقَ غَيْثَهُ الوُدَّ الغَزِيْرَا |
أَبَا الأَشْعَارِ قَدْ أَذْهَلْتَ لُبِّي |
بِمَا أَهْدَيْتَ لِلنَّفْسِ العَبِيْرَا |
مَلَكْتَ زِمَامَ حَرْفِكَ بِاقْتِدَارٍ |
كَمَا مَلَكَ الأَمِيرُ لَهُ وَزِيْرَا |
إِذَا مَا شِئْتَ لِلشِّعْرِ احْتِفَالاً |
أَتَاكَ الشِّعْرُ قَدْ لَبِسَ الحَرِيرَا |
وَقَدْ صَدَقَ المَشَاعِرَ نَبْضُ قَلْبٍ |
كَمَا صِدْقُ النُّبُوءَةِ مِنْ بَحِيرَا |
أَخِي طَوَّقْتَنِي بِالفَضْلِ مَدْحَاً |
فَكَيْفَ أَفِيْكَ فِي حَمْدٍ شُعُورَا |
وَلَو رُمْتُ الوَفَاءَ فَأَيْنَ مِنِّي |
جَمِيْعُ الدُّرِّ إِنْ غُصْتُ البُحُورَا |
وَلا يَكْفِيكَ مَدْحَاً كُلُّ شِعْرِي |
وَإِنْ ضَمَّخْتُهُ العِطْرَ النَّشِيرَا |
وَمَا فَرَحِي بِمَدْحِكَ رَغْمَ فَخْرِي |
وَلَكِنْ بِالأُخُوَّةِ أَنْ تُنِيرَا |
وَصِدْقِ مَحَبَّةٍ فِي اللهِ نَرْجُو |
بِهَا ظِلاً يُجَنِّبُنَا السَّعِيرَا |
وَنَرْفُلُ فِي النَّعِيمِ بِعَفْوِ رَبٍّ |
يُوَفِّي الشَّاكِرِينَ بِهِ الأُجُورَا |