ظلٌّ في الثّلج

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

أخيراً أطلّ صاحب الرداء الأبيض سخياً من السماء ، ها هو يفرضُ حُلّته البهيّة على الأرض ، فتكتسي بها بكل امتثال ، وتغدو أجمل !
قريباً .. لن أرى شيئاً سوى الأبيض النقي ..
وسيحلو لي في النهار السير في غير طريق ، وسألهو بكرات الثلج أقذفها في وجوه المارّة ، وسأضحك عليهم كثيراً وأنا أشاهد الوجوه الغاضبة ، ولم الغضب ، فالثلج يعني المرح .. !
سأقضي الليل قرب المدفأة أحتسي كوب شاي بالليمون ، وأقرأ في مذكرات جدتي التي عثرت عليها مؤخراً في صندوق خشبي قديم ، هناك في العلّية ، لم يكتشفه أحد غيري ، ولم أخبر به بعد أحداً من عائلتي كي لا يقاسموني المتعة في قراءته ... ياه ما أجمل الحياة حين نستمتع بكل تفاصيلها ..

طلع النهار ......... من دون شمس ! ولأول مرّة أحبُّ النهار من دون شمس !
الثلج مازال يندف ، وأعمالي تنتظرني أمام المكتب ..
خرجت أتعثّر بثيابي الثقيلة ، أمشي بصعوبة فوق الثلج ، اختفت معالم الطريق الفرعي ، كيف سأصل ؟ لا يهم ، لا يهم أيّ طريق سلكت .. المهم أن أصل في النهاية .
سرتُ بمرح نحو الطريق العام ، تارة أسير يمنة وتارة أسير يسرة ، ألطخ وجوه الناس بالثلج وأقول لهم سلامٌ عليكم ، صباح الخير !!
فيكتفون بالنظر ولا يردّون ..
كان الطريق مقطوعاً من السير ، اضطررت للعودة أدراجي في إجازة اضطرارية منحت لي بسبب الظروف الجوّية ..
لوهلة .. ظننتُ بأنّ أحداً ما يتبعني ، تلفّتُ خلفي ، لا أحد في المكان !
تابعت السّير ، أشعرُ به يسير خلفي تماماً ، ينظر إليّ ، يراقب حركاتي وسكناتي ، ترى من هذا الأحمق الذي يودّ ممازحتي بهذا الأسلوب الفظّ ؟
تلفّتُّ فجأة وبسرعة خاطفة ..... لا أحد !





يتبع