|
|
| يا و الدي ، إني هنا يا والدي |
|
|
لا زلت أقبعُ في جوارِ الموْقِدِ |
| بردُ الشتاءِ أصابني ، خبَّاْتُهُ |
|
|
تحتَ الثيابِ ، دفنتُهُ في مرْقدي |
| لا زلتُ أجلسُ و السكونُ يلُفُّني |
|
|
و الحزنُ يأكلُ في وعائي من يدي |
| لا زال في جيْبي خطابٌ مُفْعَمٌ |
|
|
بالشوْقِ منكَ ، و لهفةٌ لك تَبْرُدِ |
| لا زالتِ الأوراقُ حيرى تكتوي |
|
|
و يراعتي في غُربتي لم تصمدِ |
| تشكو إليكَ و حبرها من أدمعي |
|
|
بطشَ الذئابِ و قَسْوَةَ الزمنِ الرَّدِي |
| الليلُ يزحفُ نحوَ بابيَ شاهراً |
|
|
سيفَ الظلامِ ، و قد تَرَبَّصَ بالغَدِ |
| و الرِّيحُ تعوي خلفَ شُبّاكِ الأسى |
|
|
هلْ أدْرَكَتْ أني أعيشُ بمفردي ؟ |
| هل أدرَكَتْ أنَّ الرفاقَ تحمَّلوا |
|
|
قبلَ المغيبِ ، و ليس لي من مُنْجِدِ ؟ |
| أم خافت الريحُ العقيمُ فأقبَلَتْ |
|
|
نحوي لتلتمسَ الأمانَ و تهتدي ؟ |
| أَتَضَوَّرَتْ جوعاً كنصفِ الأرضِ،أمْ |
|
|
خارتْ من الحربِ التي لم تُخمدِ ؟ |
| أم أنها جاءت بأسمالٍ لها |
|
|
تُبدي الأسى من دونِ سابِقِ موْعِدِ ؟ |
| يا والدي ، جاءَ الشتاءُ فيا تُرى |
|
|
كم من فقيرٍ في الشقاءِ السرمدي ؟ |
| كم من أسيرٍ خلفَ جُدرانِ العِدا |
|
|
أكلَ الخَشاشَ ، و سفَّ رملَ الفدفَدِ ؟ |
| كم من بتولٍ قد أُبِيحَ وقارُها |
|
|
من ظالمٍ متجبِّرٍ مُتَمَرِّد ؟ |
| كم من غنيٍّ موسِرٍ و مُرَفَّهٍ |
|
|
أعطى بإخلاصٍ و لم يتردَّدِ !؟ |
| لمّا رأيتُ الليلَ خارجَ غرفتي |
|
|
مُتَوَشِّحاً ثوبَ الظلامِ الأسوَدِ |
| و رجعتُ بالعينينِ أقرأُ ما بها |
|
|
و الضوءُ يكسوها ، و دفءُ الموقدِ |
| و الخيرُ ، كلُّ الخيرِ في أرجائها |
|
|
في حُسْنِها المُتَأَلِّقِ المُتجدِّدِ |
| أيقنتُ كم حجم النعيمِ أعيشُهُ |
|
|
و بأنني في السوءِ إنْ لم أحمَدِ |
| فَرَفعْتُ كفِّي بالضَّراعَةِ شاكراً |
|
|
للهِ ، لم أفْتُرْ و لم أتَبَلَّدِ |
| و دعَوْتُ ربِّي أن يعُمَّ رخاؤُهُ |
|
|
من كان يتَّبِعُ الرسولَ و يقتدي |
| و ذكرتُ نبرةَ صوتِكَ الحُلْوِ الذي |
|
|
جابَ المكانَ كنسمَةِ الصُّبحِ النَّدِي |
| فرأيتُ كيفَ الصُّبحُ يُسفِرُ ضاحِكاً |
|
|
من وجهِكَ الغَضِّ الجميلِ الأملَدِ |
| و سمعتُ شدوَ الطيرِ في همساتِهِ |
|
|
يحنو على القلبِ العليلِ المُسهَدِ |
| ألقيتُ حزني حينذا ، أحرقْتُهُ |
|
|
في النَّارِ ، دونَ تكاسُلٍ و تردُّدِ |
| و حمدتُ ربَّ الكوْنِ في عليائِهِ |
|
|
أنْ كُنتَ أنتَ ، و ليسَ غيركَ والدي |