قرأتُ ما كَتَبَنْ الأخت السجينة ( س . ف ) من سجن النساء بالشرقية في مجلة الإصلاح تبثُ همومها وتبدي شجونها ، تخاف حين الخروجِ من السجن ألاّ يتقبلها أهلها ، فتغلغلَ حديثها في فؤادي ، فصغتُ مشاعرها وأحاسيسها بهذه الأبيات :

يا وحشة في خافقي وجناني
يا وحدة عصفت بكل كياني
وتواردُ الأفكار أرَّقَ أعيني
والخوفُ يا للخوفِ قد أضناني
ما بين يأسٍ قاتلٍ وتفاؤلٍ
تمضي كما الساعاتُ بعضُ ثواني
في داخلي ألمٌ يقطِّع مهجتي
وبهِ وميضٌ من سنا الإيمانِ
وأعودُ للماضي وأندمُ حينها
ما كانَ هذا السجنُ في الحسبانِ
ضيعتُ نفسي وافتقدتُ أحبتي
أمي الحبيبة والدي إخواني
وعصيتُ ربي واقترفتُ خطيئةً
ووقعتُ في حبلٍ من الشيطاني
واليومَ في سجني أُقِرُّ بتوبتي
صيَّرتُ أمري في رضا الرحمن
لكنَّ في نفسي هموماً أثقلتْ
صدري وراء السجن والقضبانِ
هل يا تُرَى بعد الخروجِ أعودُ في
أهلي كما قد كنتُ منذُ زمانِ ؟
هل يقبلوني أم ستبقى زلتي
سداً يصيرني بسجنٍ ثانِ
إني أخافُ من الخروجِ لأنني
أخشى بأن ألقى حياةَ هوانِ
أماهُ يا نوراً يشعُّ بخافقي
أشتاقُ ضمة رحمةٍ وحنانِ
أُلقي برأسي فوق صدرٍ طاهرٍ
ويُهِلُّ دمعُ العين بالجريانِ
أبتاهُ يا رأساً عزيزاً شامخاً
لطختهُ بدناسةِ العصيانِ
صفحاً جميلاً يا أبي فوخالقي
في داخلي لهبٌ من النيرانِ
والله لا أسطيعُ أنظرُ برهةً
لك يا أبي يا سيدي وأماني
خطأي عليكَ أبي يؤرقُ مرقدي
أقوى من القضبانِ والسَّجَّانِ
أبتاهُ هبني فرصة أبني بها
ما هدت الكفان من بنانِ
سترى بأني مثلما خفضتهُ
هاماً سأجعلهُ رفيع الشانِ
أنا لم أعد تلك السفيهةَ لعبةً
في كفِّ كل مخادعٍ خوَّانِ
أنا فقتُ يا أبتي وعدتُ إلى الهدى
أبتاهُ ذقتُ حلاوة الإيمانِ
سأعودُ للدنيا بوجهٍ آخرٍ
أمشي على نهجِ النبي العدنانِ


رابط الحفظ