تُسائلنُي عن جـذوةِ الحُـبِ إذ غِبـتُ فقلت على عهدِ الهـوى مـا تذبذبـتُ
طويتُ على ذكـراكِ خضـرَ جوانحـي و صمتُ عـن اللهوِ المُبـاحِ وأضربـتُ
قضيتُ اغترابـي بيـن وَجْـدٍ و صَبـوةٍ و لـولا معيـنُ الذكريـاتِ لأجدبـتُ
"أقضّـي نهـاري بالحديـثِ وبالمُـنـى" و يُلجـمُ آمـالاً تعاودُنـي الكَـبْـتُ
و كم أحرقَ الجفنَ السهادُ وكم وكم سهـرتُ أرجّـي طيفَهـا و ترقّـبـتُ
بَعـدتُ وإن لـم أبتعـد إذ جعلتُـهـا حبيسـةَ أضلاعـي إذا مـا تغـرّبـتُ
نضيـراً بذكراهـا خصيـبـاً بحبّـهـا فتيّـاً بأحلامـي شغوفـاً وإن شِـبـتُ !
و تاللهِ لـولا مــا أُكــنُّ لأقنَـعـت هوى النفسِ أطيافٌ و كنـتُ لَجرّبـتُ
و لولا عفافُ النفـسِ طبعـاً و شيمـةً حنينـاً لأيـامٍ خَلَـت كنـتُ أذنبـتُ
وفـاءً وإكرامـاً لإحـسـانِ ظنِـهـا و إلاّ فكـم أُنزلـتُ روضـاً و رُغبـتُ
وكم عِشتُ فـي دُنيا المُحبين مورقـاً و كم مُدَّ لـي يمنـى غـرامٍ وخضبـتُ
و كـم نمّقَـت عينـي أزاهيـرَ بـاقـةٍ و كم سِرتُ في ليـلِ المُنـى مـا تهيّبـتُ
أسـيرُ على شـوكِ الورودِ وأحتذي و كم ضـمّخَ الروحَ الشذى و تَطَيَّبْتُ!
فتحتُ كنوزاً ..وانتقيتُ لآلئـاً و طُفتُ رياضـاً واقتطفتُ .. و نقّبتُ !
و كم سرّنـي أن لا أرى القلـبَ ساليـاً وكم طابَ لي عِشقُ الجمالِ وكم طِبـتُ
و كنتُ إذا هبَّ الصَبـا ليـلَ وِحدتـي حطبتُ هشيماً مـن ضلوعـي وألهبـتُ
و كنتُ إذا أقفرتُ مـن طلـعِ صبوتـي تهاتنـتُ مـن غيـثِ الفـؤادِ وأنبَـتُّ
و كنـتُ إذا مـا مرّنـي طيـفُ غـادةٍ حفرتُ و عاودتُ الهوى إن مضى السبتُ
و كنـتُ أرى حـبَ الغوانـي قصيـدةً لها ألفُ بحـرٍ يـا "خليلُ" فأسهبـتُ
ولكنهـا نـهـرُ الجـمـالِ و نبـعُـهُ وقد نِلتُ سُقيا مـن هواهـا و أُشربـتُ
فما أشرقت بالنفسِ – سِحـراً وفِتنـةً- أفانينُ صُبـحِ الحسـنِ إلاّ وقـد ذُبـتُ
تجلّت وقالت مـا تـرى قلـتُ آمنَـت بكِ الروحُ في عرشِ الجمـالِ و أوجبـتُ
و وَحّْـدتُها في القـلبِ حبّاً و مـنزلاً و قد أَبْدَلَت لـهوي هياماً وقد تُـبـتُ !
عفا اللهُ عمّا فـــات جئتُكِ تائـباً وإن عـشتُ في طيشي زمــاناً فقد ثُبْـت!
كفـرتُ بحـبِ الغانـيـاتِ تنسّـكـاً و ما كنتُ لولا حسنُك السحرُ أحببـتُ




