حلـم أبيـض


أحمل أشلائي، أستجمع ما تبقى لي من شجاعة وأدتها خطوب الأيام وأدمتها أحزان الزمان وأذهب لملاقاته.
في طريقي إليه، أدرك أن صفعته ستسكن وجهي و أن كلماته ستحرق روحي لتغرقني في سعير الألم، أدرك أن السير إليه كالسير على الأشواك... أدرك أني أسير إلى حتفي، لكني بالرغم من كل شيء أسير إليه أرفض أن أتخلى عن حلمي الصغير: " أن يعانق كفه يدي"
و أمام بابه، تتكرر نفس فصول المسرحية التراجيدية، يقف أمامي كالطود العظيم، ترتجف أوصالي رعبا، يجبرني خوفي على الهرب بعيدا، لكن قلبي يرفض الانصياع فتلتصق قدماي بالأرض و تحملق عيناي بالإسفلت.
" أغربي عن وجهي "
تلك هي تحيته الصباحية المعتادة.
أصمد قليلا، أبحث في أعماقي عن بقايا شجاعة محطمة،
بينما يستمر في إهاناته التي لا تنتهي، أستجمع ما تبقى لي من قوة و أغادر المكان و شلالات الدموع تغطي وجهي
و صرخات مكتومة تتردد في صدري...
أفتح باب بيتي و أصعد الدرج ببطء و أنا أتكئ على الحائط تمسك يدي اليمنى بيدي اليسرى الشبه مشلولة و أجر رجلي اليسرى جرا، أختلس النظر إلى الشقة أحاول أن أتجنب أمي، فلا أحب أن تراني أحمل أشلاء أمل ميت، لا أريد لهذا الانكسار في عينيها أن يتسع... أتسلل ببطء شديد، أفتح باب غرفتي أفرغ محتويات علبة الحبوب المهدئة في يدي أتأملها، ليتني أستطيع أن أتناولها مرة واحدة، أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، ألقي بجسدي المنهك على السرير و أغمض عينيي...
ربما يهديني نور الصباح أملا...