السـر البريء


أيها المتدفق في شراييني سـراً حيناً و جهراً أحياناً أخرى، ألا يكفيـك حزني ...

كلما مررتَ بجانبي أسترقُ النظر إلى ظلك، أمشي فوق آثـار خطواتك، أتركُ لحذائي حريته الجنونية في مراقصة آثار حذائك، أشم عطرك، أستنشقه بعشق أنثى، أمشي في نفس الطريق دون أن تلاحظ وجودي - و من أنا لأحظى بنظرة من عينيك؟- و بينما نفس حبيبات الحصى التي غازلت حذاءك تغازل حذائي، أرسمُ على وجهي ابتسامةً حالمة و كأني أمشي وسط السحاب.

يقيناً أنت لا تدرك أني اشتريت قارورة عطر كعطرك تماما "السر البريء"

كل مساء كانت عيناي تعانقان معطف الجلد البني كلون عيني تماما، بينما خناجر الصقيع تغمد نصالها في جسدي الهزيل...

قبل كل حلم و بعده، كنت أعد أوراقي فأجدها لا تكفي لحلمين... كان لزاماً علي أن أختار بين معطفي و عطرك.

بين يدي "سريَ البريء" مزهوة أمشي دون أن تصطك أسناني برداً، و دون أن ترتعش أصابعي من صقيع الشتاء... فعطرك وحده يدفئني.

في كل ليلة، أعطر ملاءَتي، سريري و وسادتي، أغمضُ عينيَ و أنام بين عطرك...

كنت أتمنى لو أستطيع أن أضع بعضاً منه صباحاً، لكني أدرك أن نظراتك الساخرة ستلاحقني بهمس صامت يميت جذوة الفرح في عيني ها أنت تدركين أخيراً أنك لست أنثى فتضعين عطر الرجال.

قارورة العطر تكاد تفنى، و مدخراتي لا تكفي لشراء أخرى، و وجهك لازال مسافراً وصمتكَ الساخر لازال يلاحقني وعيناي لازالتا تسترقان النظر إلى ظلك...



عايدة عبد الله