مازال ينتظر


هاهي سنوات عمره تغادر موانئها الواحد بعد ألآخر . بعد أن قضت أيامها على مساحة الزمن حاملة معها أيامها بحلوها ومرها في حقائب اللاعودة الى الماضي أو البقاء في الحاضر .. فاتحة حقائب المستقبل المجهول مسافرة بدون توقف متحدية ما يحمله ألشعر من بياض والجلد من تجاعيد بدأت بالظهور عالى ملامحه وهو الذي أجتاز عتبة العقد ألأربعون من عمره دون أن يشعر أنه يسير بسرعة تفوق سرعة الصوت بعدة مرات .. كانت موانىء الطفولة والصبا موانىء مرح ولهو دون عناء المسؤولية .. كان طائراً يغرد أينما شاء ومتى شاء حتى وصلت سنواته ميناء الرجولة الكاملة والناضجة ليجد نفسه تخترق مسافات السفر تارة نحو الجنوب وتارة نحو الشمال نحو تلك الخنادق المزينة بفوهات البنادق ..خلف السواتر الترابية أو على حافات ألأنهر ذات الصخور السمراء الحارة صيفاً والباردة شتاءاً ..كانت بشرته تزداد سماراً تحت أشعة الشمس اللاهبة صيفاً لتنكمش شتاءاً تحت رذاذ المطر المتناثر من حافات خوذته الفولاذية وبرودة معطفه المطري التي تنزع منه حرارة جسده . مرت سنوات الحرب بين مد وجزر.. بين غفوة الموت وصحوة الحياة منه لينفذ من براثن الموت عدة مرات متحدياً أياه ومتشبثاً بالحياة وبما سيكسبه منها في موانئها التي سيرسي بسنواته فيها . أنتهت الحرب ليبدأ من جديد في أختراق مسافات السفر في زمن الجفاف بعد أن وصل ميناء ألأسرة باحثاً عن لقمة عيش هنا أو هناك مبتعداً عن قفص كان يحلم أن ل يغادره ليظل حبيسه مع حبيبته التي أستقلت سفينته مشاركة أياه رحلته في بحار الحياة . لم يستقر في عش ظل يتنقل من عش الى آخر متأبطاً ذراع حبيبته حاملاً حقائبه على كتفه أملاً في عش يستقر فيه .. حتى وجد نفسه يصارع زمن الخوف والصبر ..منتظراً معجزة تنتشله من واقعه أو تعيده الى ماضي الطفولة والصبا ... أنه مازال ينتظر ....!!!!!!!!


أمير بولص ابراهيم
العراق