أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 26

الموضوع: أطيـــاف الذكريـــات

  1. #1

    افتراضي أطيـــاف الذكريـــات

    أطياف الذكريات

    تقتحم علي خلوتي بلا استئذان كعادتها، ترمي بجسدها على الأريكة و هي تغني لحنا راقصا تتمايل على إيقاعه كسنابل قمح ناضجة يداعبها نسيم الصباح، ترمقني بين الفينة و الأخرى بنظرات متسائلة :
    " لم لا ترقصين؟ "
    و كأن السؤال أحرقني فقفزت من مكاني كمن لدغته أفعى
    تسابق قداماها الريح، لتقف أمامي بقامتها الممشوقة و جمالها الأخاذ
    " ممن تهربين مني أو منك أو من هذا الوحش الساكن بين ثنايا روحك؟
    أنظري إلي منذ متى لم تلمحي طيفكِ في المرآة منذ زمن طويل أليس كذلك؟ وجه يابس و أنامل صدئة و ظهر محدودب و عينان مات فيهما النور و شفتان عات فيهما الحزن."
    مزقني الألم بينما كلماتها تنهال علي كقذائف عنقودية تشطرني إلى جزيئات صغيرة تدمرني تمزقني تمتني و تحييني.
    أنهت كلامها و هي تخفض يديها باستسلام :
    " كوني وردًا يعانق قطر الندى كل صباح
    كوني نجمًا يغازل نور القمر كل مساء
    كوني نغمًا يتردد صداه في كل الأرجاء
    كوني أنتِ
    كوني نبض فرح."
    و يفيض الصمت الصاخب في عيني براكينا تتقاذف حممها على شفتي:
    " أنت أيتها الجميلة المشرقة دعي الموتى في قبورهم و دعي الجثث في أكفانها و دعي الحمقى في عالمهم و دعي الأشقياء في جحيمهم.
    كوني أنا ثم علميني كيف أرقص جذلا
    كوني أنا ثم علميني كيف أعزف طربا
    كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جدائل شعري مراجيح للفرح
    كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جلدي طبولا للأمل"
    صدمتها قسوة الكلمات فتراجعت لتجلس على الأريكة
    مزقت أثوابي الرثة و تابعت
    " أتعلمين لم هذا الندب يزين يدي؟
    هذا لأني نسجت يوما من خرق بالية دمية صغيرة، أحرقوا الدمية و أحرقوني.
    و هذا لأن يدي عانقت كف صديقة بتروا يدي و أهدوني القطيعة.
    و هذا لأني يوما غنيت ،
    و هذا لأني يوما رقصت ،
    و هذا لأني يوما ابتسمت.
    و هذا و هذا و هذا ....
    أنظري إلي
    ألا ترين تضاريس العذاب على جسدي؟
    أنتِ من تهربين."
    أسندتُ جبهتي إلى زجاج النافذة البارد لعله يخفف سعير الألم داخلي
    و تابعت بهمس
    " هاك طفولتي و استأصلي منها جحيم الذكريات
    هاك جلدي و احرقي فيه ندوب الجراحات
    هاك روحي و نظفيها بالماء و الثلج و البرد
    أرني كيف تقتلين الذكريات و كيف تنسجين من الدمعات بسمات."
    التفتت إليها فوجدتها رحلت كعادتها بدون استئذان.


    عايدة عبد الله

  2. #2

    افتراضي

    كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جدائل شعري مراجيح للفرح
    كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جلدي طبولا للأمل"

    تقليد الأموات سمة يصعب أحيانا الفكاك منها . صورت في نصك الأنيق كيف أحيانا نخشى أن نحيا رغم ان هناك من يقدم لنا شيء من التعويضات .نص جميل أحتل مني جزءً لتوارد خواطره وتناغم معانيه كل الود والاحترام .
    همسة
    قدماها...عاث....تميتني ..

  3. #3

    افتراضي

    من الصعب أن نقبل أية دعوة للفرح ، والقلب متخم بالجراح ،

    لكن هناك دائما ما يستحق المحاولة .

    المبدعة عايدة عبد الله ،

    نص حضرتُه بحزن و فارقته بغصّة .

    دمت متألقة .
    http://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=57594

  4. #4

  5. #5

    افتراضي

    وكذلك الذكريات تفعل، لا تستئذن في إياب ولا في ذهاب. فإما تخلف وراءها نفسا منشرحة، وإما روحا أثقلتها الأحزان.
    ذكرياتك مسرات إن شاء الله
    أهنئك على لغتك
    طابت أيامك
    تميتني/براكين/التفتُّ

  6. #6
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد
    شاعر
    تاريخ التسجيل: Dec 2011
    الدولة: سورية
    العمر: 62
    عدد المشاركات: 6,280
    :عدد المواضيع 88
    :عدد الردود
    المعدل اليومي 1.23

    افتراضي

    رائعة رغم الألم ومن الألم أحيانًا ما له فتنة ... إذ كيف كنا سنحظى بهذا الألق ؟؟؟
    أحييك أختي المبدعة عايدة بوركت وبورك الحرف
    مودتي كما يليق وتقديري

  7. #7

    افتراضي

    أسندتُ جبهتي إلى زجاج النافذة البارد لعله يخفف سعير الألم داخلي
    و تابعت بهمس
    " هاك طفولتي و استأصلي منها جحيم الذكريات
    هاك جلدي و احرقي فيه ندوب الجراحات
    هاك روحي و نظفيها بالماء و الثلج و البرد
    أرني كيف تقتلين الذكريات و كيف تنسجين من الدمعات بسمات."
    التفتت إليها فوجدتها رحلت كعادتها بدون استئذان.

    نعم الذكريات لها وقع مؤلم على الأفئدة ، (الذكريات موطن الألم لا يسكّنه سوى الأطياف والأشجان والدموع)..
    الأديبة الموفقة عايدة عبد الله وفقكِ الله / أصبحتُ أحسّ بلمسات الإبداع في نصوصك ، فعليك بالمثابرة ، وعليك بإدمان القراءة لصقل هذه الموهبة التي حباكِ الله بها ... وتقبّلي فائق الود والاحترام لك ولقلمك الواعد الجميل ...
    دمتِ ودامت لك الذكريات الجميلة ، وأبعد عنك الذكريات الحزينة ..
    تحياتي والمودة
    أنــــا لا أعترض إذاً أنا موجود ....!!

  8. #8
    الصورة الرمزية شريفة العلوي
    أديبة وشاعرة
    يرحمها الله

    تاريخ التسجيل: Jul 2008
    الدولة: بقلب جيبوتي
    عدد المشاركات: 2,100
    :عدد المواضيع 139
    :عدد الردود
    المعدل اليومي 0.33

    افتراضي

    كوني وردًا يعانق قطر الندى كل صباح
    كوني نجمًا يغازل نور القمر كل مساء
    كوني نغمًا يتردد صداه في كل الأرجاء
    كوني أنتِ
    كوني نبض فرح."


    العزيزة عايدة ..اقتبست الكلمات اعلاها ..لأني أراك هكذا ...!!

    أعجبتني طريقتك التي أعتمدت على عمق الفكرة وتأطير الصورة .

    دمت بكل خير.
    [grade="32CD32 FF6347 FF1493 FFA500"](اللهم إني أسألك الأنس بقربك)[/grade]

  9. #9

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غصن الحربي مشاهدة المشاركة
    كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جدائل شعري مراجيح للفرح
    كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جلدي طبولا للأمل"

    تقليد الأموات سمة يصعب أحيانا الفكاك منها . صورت في نصك الأنيق كيف أحيانا نخشى أن نحيا رغم ان هناك من يقدم لنا شيء من التعويضات .نص جميل أحتل مني جزءً لتوارد خواطره وتناغم معانيه كل الود والاحترام .
    همسة
    قدماها...عاث....تميتني ..

    الأستاذة غصن الحربي
    لأول مرة -إن لم تخني ذاكرتي-أقرا ردا لك على أحد نصوصي
    و أتمنى أن لاتكون الاخيرة
    بارك الله فيك
    شكرا جزيلا على الهمسة لم أقرأ النص جيدا قبل كتابته هنا
    تحياتي

  10. #10

    افتراضي

    أتعلمين لم هذا الندب يزين يدي؟
    هذا لأني نسجت يوما من خرق بالية دمية صغيرة، أحرقوا الدمية و أحرقوني.
    و هذا لأن يدي عانقت كف صديقة بتروا يدي و أهدوني القطيعة.
    و هذا لأني يوما غنيت ،
    و هذا لأني يوما رقصت ،
    و هذا لأني يوما ابتسمت



    السلام عليكم صديقتي العزيزة عايدة
    نعم يا عايدة العزيزة ,,الله يخلقنا ,,والأحداث اليومية من حياتنا خاصة الطفولة,, وفترة الشباب الأول تصنعنا
    كيف من كانت ذكرياته مؤلمة ,فيها التدمير بدل البناء, والقهر بدل الإنصاف ,والظلم بدل العدالة سيكون مخلوقا من أجل الفرح ؟
    أي فرح هذا الذي يذبح بالمهد ,,يكبر ويزهر ويثمر ؟؟
    نعود لنقول,, أن كل مخلوق يأخذ نصيبه في الحياة ,ويظل الإيمان بالأقدار ومن خلق الأقدار هو الفرحة السرية التي لا يمحوها أي شيء ,ولكنه فرح من نوع آخر
    نص رائع ,سبكة عاطفية مشوقة ,لغة جميلة
    كوني عايدة بألف خير
    ماسة

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة