الغازيّة!!
لم أرَ أبي منفعلا مثلما رأيته ذلك اليوم.. سمعته يقول في حسم:
- نحن جميعا نشاهد الغازية ولا نعترف بها.. تخرج عيوننا علي جسدها وهو يتلوى كثعبان، نتجاهلها بعدما تغادر المسرح بعد أن تأخذ ما فيه القسمة.. نصفق لها بأكف حارة ليزداد هز وسطها.. ولا نصافحها!!
الغازية دمية.. عروسة من عرائس الأطفال.. نلهو ونتسلى بها.. ثم.. ثم لا شيء..
انصرف أخوه الأصغر (عمّي) .. والغضب يعمي عينيه.. لكنه لم ينطق بحرف.. لمحني أبي منزويا عند الباب أتحاشى غضبا مشتعلا كاللهب في أرجاء الدار.. قال لي:
- الغازية.. الأراجوز.. والمشخّصاتي.. نضحك عليهم على مسرح الساحة.. أو بـ(شادر) فرح أحد الجيران.. متعة مؤقتة ننساها إلى الأبد..
مر نصف قرن على الغضب العارم.. أصبح للغازية والأراجوز والمشخّصاتي دور رئيس في الحياة العامة.. صاروا نجوم المجتمع.. إرسال صندوق الدنيا يتلقفه سكان العالم في ذات اللحظة!!
وجدتني مضطرا أن أعيد على مسامع ابني الشاب نفس جملة أبي، وبنفس مستوى الغضب الهادر:
- الغازية دُميَة من دُمَى الأطفال .. تُبهرك.. ولا يمكن أبدا أن تكون امرأة في بيتك!!



رد مع اقتباس
