يا صاح لا تسألْ عنِ الأفراحِ في مَحضَرِ الأحزانِ والأتراح
وانعمْ بجهلك إنّها لَنصيحةٌ لفؤادك المستأنسِ المرتاح
يا صاح دَعْ عنك السّؤالَ تفضّلاً و احذر مَغبّةَ كثرةِ الإلحَاح
عن أُمّةٍ قد طلَّقتْ أعراسها وتدثَّرت بشقائها الذَّبَّاح
فكأنَّها تحكي وتصرخُ في المَدى باليأس في الإمساء والإصباح
وتقولُ أَسْمَعْتُ التُّرابَ بصرختي وتشقَّقَتْ هذي السَّمَا لِصِيَاحي
و رأت جُموعُ الكائناتِ رَزِيَّتِي أمَّا بَنِيَّ فما دَروا بِرُزَاحِي
أَوَمَا اتَّسَخْتَ أَسَامِعِي بدمائي أو ساءَ سَمْعَكَ مِن صَدَاهُ نُواحي
أوما كوتك النّارُ مِن مُتَنَهَّدِي وضَلَلْتَ بين مآتمي و جِراحي
أوما كفرتَ و قد عَلِمت مُصِيبَتي بالخيرِ والآمالِ والأفراح


***


أنا أمَّةٌ قَدْ عَقَّهَا أبناؤها وتفرَّقُوا في الأرض كالأشباح
مَنْ ظَلَّ منهُمُ نائِمٌ في جهله أو في مَتَاهاتِ الشَّقَاوَةِ صَاح
أنا أمَّةٌ قد باعَهَا حُكَّامُها للأجنبيِّ المعتدي السَّفَّاح
في سوقِ كلِّ منافقٍ مُتَنَطِّع ومُتاجِرِ في الموتِ والأرْوَاح
فَغَدَتْ فريسةَ كُلِّ ضَبْع جائع و إناءَ كلِّ كُلَيِّبٍ نَبَّاح
و مِثالَ كُلِّ تَفَرُّقِ وتَشَيُّع وتَحَزُّبٍ لا ينتهي بصلاح
أنا أمّة صارت بقبضاتِ العِدَى كَوُرَيْقَةٍ في راحةِ الأرْيَاح
أرضي مقابرُ للرَّجا و مَرَابعٌ ينمو بها اليأسُ الشَّديدُ الضّاحي


***
لَكنَّنِي رغم الحوادثِ أمَّةٌ تحيا بعزمٍ ثابتٍ وكِفَاح
أنا أمَّةُ الإسلامِ أمَّةُ أحْمدٍ والضَّادِ من قِدَمِ الزَّمَانِ الماحي
والدِّينُ حِصْنِيَ و العُرُوبَةُ رَايَتِي و بذا خلاصي وانطلاقُ سَرَاحي
و بذا أَعِزُّ, ولا أعزُّ بغيرذا وبه غُدُوِّي للعُلَى و رَوَاحي
يا سامعي أبلغْ بَنِيَّ مقالتي من قبل أن أُعْلَى على الألواح
يا سامعي أبلغ بَنِيَّ بصرختي فلعلَّها تُفْضِي لبعضِ نَجاح


**
*