القمر


في مساء يوم الخميس وبعد ان هرب النهار سريعا ليحل الليل بعده بوشاحهُ الأسود الكئيب لولا ذلك القرصاً الحجري الذي توسط السماء ونفذ نورهُ الى صدور المتأملين واضاءت معه قناديل صغيرة تقبع بجانبهُ..
أطلت تلك العجوز من كوة وسط دارها وهي ترتدي شيلتها البيضاء للصلاة والكتاب الكريم بين يديها، رنت الى تلك السماء الصافية وبثت مناجاتها بدموع جارية، انحدرت على خدها المخدد بعلامات السنين الماضية التي حرثتها أيام الأنتظار، وبما ترصع فيه من وشم..
صكت اسماعها الهزيلة طرقات على الباب الخشبي القديم ، فسرت رعشة اهتز لها بدنها النحيف كاد قلبها ينفذ من سجنهُ الأزلي، سحبت مقبض الباب نحوها ، ثقيلا كأنها يعتصرُ روحها التي سئمت لوعة الأنتظار فأذا بظل شامخ الى أعنان السماء، والقمر بين كتفيه يحيطه بهالة من النور، وصوت يلفهُ الحنين:
أمي الحبيبة لقد عُدت.